بنى الأبدان على أربع طبائع: المرة الصفراء، والدم، والبلغم، والمرة السوداء فاثنتان حارتان، واثنتان باردتان وخولف بينهما فجعل حار يابس، وحار لين وبارد يابس وبارد لين ".
قوله عليه السلام " على أربعة أجزاء " إنما خص عليه السلام تلك الأعضاء لأنها العمدة في قوام البدن، والمنبع لسائر الأعضاء. وفي القاموس: الشرسوف - كعصفور - غضروف معلق بكل ضلع، أو مقط الضلع، وهو الطرف المشرف على البطن.
" إن الرأس والاذنين " كأنه عليه السلام خص الدم بهذه الأعضاء لأنه لكثرة العروق والشرايين فيها يجتمع الدم أكثر من غيرها، ولأنها محل الإحساسات والادراكات، وهي إنما تحصل بالروح الذي حامله الدم. وخص البلغم بالصدر لاجتماع البلاغم فيها من الدماغ وسائر الأعضاء، وتكثر الريح فيها باستنشاق الهواء وخص الشراسيف بالصفراء لقرب الحرارة التي هي مجتمع الصفراء منها، أو لكون تلك المرة أدخل في خلقها وخص أسفل البطن بالسوداء لان الطحال الذي هو محلها فيه.
" سلطان الدماغ " إذ هو مسلط عليه، إذ بوصول البخارات الرطبة إليه واسترخاء الأعصاب وتغليظ الروح الدماغي يستولي النوم الذي يوجب سكون الحواس الظاهرة وبه قوام البدن وقوته لاستراحة القوى عن حركاتها واحساساتها، وبه يستكمل هضم الطعام والأفعال الطبيعية للبدن، لاجتماع الحرارة في الباطن.
" على شقك اليمنى " كما قاله الأطباء، لنزول الغذاء إلى قعر المعدة " ثم انقلب على الأيسر " قال الأطباء: ليقع الكبد على المعدة ويسير سببا لكثرة حرارتها فيقوى الهضم " وكذلك فقم " لعل المعنى: ثم انتقل إلى شقك الأيمن، ليكون قيامك من النوم عن الجانب الذي بدأت بالنوم عليه أولا، وهو اليمين.
وهذا أيضا موافق لقول الأطباء، وعللوه بانحدار الكيلوس إلى الكبد.
وهذا التفصيل مخالف لظواهر كثير من الأخبار الدالة على أن النوم على اليمين أفضل مطلقا، ولو كان هذا الخبر معادلا في السند لها لأمكن حملها عليه، وسيأتي