" ليعذب الله المنافقين " تعليل للحمل من حيث إنه نتيجة كالتأديب للضرب في " ضربته تأديبا " وذكر التوبة في الوعد إشعار بأن كونهم ظلوما جهولا في جبلتهم لا يخليهم عن فرطات " وكان الله غفورا رحيما " حيث تاب على فرطاتهم، وأثاب بالفوز على طاعاتهم. " كذلك " أي كاختلاف الثمار والجبال.
" خلق الأزواج كلها " أي الأنواع والأصناف " مما تنبت الأرض " من النبات والشجر " ومن أنفسهم " الذكر والأنثى " ومما لا يعلمون " أي وأزواجا مما لم يطلعهم الله عليه، ولم يجعل لهم طريقا إلى معرفته، وسيأتي تأويل آخر برواية علي ابن إبراهيم.
" من طين لازب " أي ممتزج متماسك يلزم بعضه بعضا، يقال: طين لازب يلزق باليد لاشتداده، وقال علي بن إبراهيم: يعني يلزق (1) باليد. " ثم جعل منها زوجها " أي من جزئها، أو من طينتها، أو من نوعها، أو لأجلها ولانتفاعها.
" فأحسن صوركم " بأن خلقكم منتصب القامة، بادي البشرة، متناسب الأعضاء والتخطيطات، متهيأ لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات " ورزقكم من الطيبات " أي اللذائذ.
" علمه البيان " قيل: إيماء بأن خلق البشر وما يميز به عن سائر الحيوانات من البيان، وهو التعبير عما في الضمير وإفهام الغير لما أدركه لتلقي الوحي وتعرف الحق وتعلم الشرع. وفي تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام في قوله " الرحمن علم القرآن " قال: الله علم محمدا القرآن، قلت: " خلق الانسان "؟ قال: ذلك أمير المؤمنين، قلت: " علمه البيان "؟ قال: علمه تبيان كل شئ يحتاج الناس إليه - الخبر - (2).
" من صلصال كالفخار " قيل: الصلصال الطين اليابس الذي له صلصلة، والفخار الخزف، وقد خلق الله آدم من تراب جعله طينا، ثم حمأ مسنونا، ثم صلصالا، فلا يخالف