تترقبه، وأرصدت له العقوبة أي أعدتها له، ومرصد في بعض نسخ النهج بالفتح، فالفاعل هو الله تعالى أو نفسه عليه السلام كأنه أعد نفسه بالتوطين للتلاقي، وفي بعضها بالكسر، فالمفعول نفسه أو ما ينبغي إعداده وتهيئته، ويوم التلاقي يوم القيامة، ويحتمل شموله للرجعة أيضا. وقوله: " غدا " ظرف الأفعال الآتية، ويحتمل تلك الفقرات وجوها من التأويل:
الأول أن يكون المعنى: بعد أن أفارقكم يتولى بنو أمية وغيرهم أمركم ترون وتعرفون فضل أيام خلافتي، وأني كنت على الحق، ويكشف الله لكم عن سرائري، أي أني ما أردت في حروبي وسائر ما أمرتكم به إلا الله تعالى، أو ينكشف بعض حسناتي المروية إليكم وكنت أسترها عنكم وعن غيركم، وتعرفون عدلي و قدري بعد قيام غيري مقامي بالخلافة.
الثاني أن يكون المراد بقوله: " غدا " أيام الرجعة والقيامة، فإن فيهما تظهر شوكته ورفعته ونفاذ حكمه في عالم الملك والملكوت، فهو عليه السلام في الرجعة ولي الانتقام من المنافقين والكفار، وممكن المتقين والأخيار في الأصقاع و الأقطار، وفي القيامة إلى الحساب وقسيم الجنة والنار، فالمراد بخلو مكانه خلو قبره عن جسده بحسب ما يظنه الناس في الرجعة، ونزوله عن منبر الوسيلة وقيامه على شفير جهنم، يقول للنار: خذي هذا واتركي هذا في القيامة.
ثم اعلم أن في أكثر نسخ الكافي " وقيامي غير مقامي " وهو أنسب بهذا المعنى وعلى الأول يحتاج إلى تكلف كأن يكون المراد قيامه عند الله تعالى في السماوات وتحت العرش وفي الجنان في الغرفات وفي دار السلام، كما دلت عليه الروايات، وفي نسخ النهج وبعض نسخ الكافي " وقيام غيري مقامي " فهو بالأول أنسب، وعلى الأخير لا يستقيم إلا بتكلف كأن يكون المراد بالغير القائم عليه السلام فإنه إمام زمان في الرجعة، وقيام الرسول صلى الله عليه وآله مقامه للمخاصمة في القيامة، كذا خطر بالبال، و إن ذكرا مجملا منه بعض المعاصرين في مؤلفاتهم.