عزله، ولم يرد ذلك إلا من الخصم ونقله، وكون علي في ولايته في حيز الامتناع لأن النبي صلى الله عليه وآله لم يول عليه أحدا بالاجماع، وقد أسند الإصفهاني الأموري أن النبي صلى الله عليه وآله بعث إليه مع علي يخيره في الرجوع أو يتوجه معه وعلي أمير عليه فرجع ولم يذكر أنه عاد.
قالوا: النداء أمر صغير لا يليق بالآمر، فلهذا صرف أبا بكر عنه، وهو لعلي فضيلة حيث إنه فسخ العقد، ولا يكون إلا من العاقد أو قريبه.
قلنا: لا نسلم أن النداء لا يليق بالآمر، لقول جبرئيل، لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، ونمنع كون الفسخ لا يصلح إلا من القريب، فإن يد المستناب يد المستنيب، فليس عزله إلا لعدم صلاحه، ومعاذ الله أن يجري النبي صلى الله عليه وآله أحكامه على سنن الجاهلية، ولو كان كذلك لم يبعث أبا بكر بها أولا.
تنبيه:
قول جبرئيل (إلا رجل منك) أي من أهل ملتك، ولهذا قال جبرئيل و (أنا منكما) لما قال: (إن هذه لهي المواساة قال النبي صلى الله عليه وآله إنه مني وأنا منه) وقال إبراهيم (فمن تبعني فإنه مني) وهذا شاهد عدل على أن أبا بكر ما هو من النبي بهذا المعنى.
قالوا: قال النبي صلى الله عليه وآله المؤمنون يسعى بذمتهم أدناهم. قلنا: إن صح هذا فهو للمبالغة لا للحصر، وإلا لا تنقض قوله: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله خص ناسا من صحابته بطرف من العلم، فقال:
أقرأكم أبي، أفرضكم زيد، أعلمكم بالحلال والحرام معاذ، أرقكم أبو بكر أشدكم عمر، وقال أقضاكم علي، والقضاء يحتاج إلى جميع العلوم، فيكون أعلم فيكون أقدم.
ولما وازره يوم الدار تفل في فيه، وبين كتفيه ويديه، فقال له أبو لهب:
بئس ما حبوت به ابن عمك إذ أجابك، فقال: ملأت فاه حكمة وعلما.
قالوا: يلزم أن يكون كل واحد من المذكورين أعلم بالخصلة التي خصه