للنبي إذ لو قيل له ما دليل صدقك؟ فقال شجاعة علي لم يمكن أحدا إنكاره، وقد ذكر قتله لمرحب مسلم، والبخاري، والعاقولي وخطيب دمشق، وابن قتيبة.
وكان الواجب أن يقاس أصحاب مشايخهم بالقادسية بأصحاب علي إذ لا قياس بين الثلاثة وبين علي، إذ الثلاثة كانوا من القاعدين، وعلي من المجاهدين، ولا يخفى ما في الكتاب المبين، من تفضيل المجاهدين على القاعدين، وقتل علي ببدر شجعان المشركين، وفيهم نوفل وكان من شياطين قريش، وقتل بالخندق عمرا بعد إحجام المسلمين عنه، وقد قال عدوه معاوية لابن الزبير (١): لا جرم إن عليا قتلك وقتل أباك بيسرى يديه، وبقيت يمناه فارغة يطلب بها من يقتله غيركما.
وفي كتاب ابن مسكويه قال ابن العاص يوم الهرير: لله در ابن أبي طالب ما كان أكثره عند الحروب ما آنست أن أسمع صوته في أول الناس إلا وسمعته في آخرهم ولا في الميمنة إلا وسمعته في الميسرة، فهذا اعتراف أعدائه بشجاعته لما لم يتمكنوا من استتارها لاشتهارها.
قال سعد لمعاوية: لقد رأيته يوم بدر يحمحم ويقول:
بازل عامين حديث سني * سجسجة الليل كأني جني لمثل هذا ولدتني أمي فما رجع إلا وقد خضب من دماء القوم.
وادعوا لأبي بكر الشجاعة (٢) بقتال أهل الردة، وأشار علي بالكف عنهم قلنا: ذلك لعلمه بعدم استحقاقهم القتال، ولم يشتهر لأبي بكر قتيل من الأرذال فضلا عن أحد من الأبطال، وقد قدمنا أن الشجاعة إنما تكون بمصادمة الرماح، و مصافحة الصفاح، ولهذا لما ذكرنا فرارهم عن النبي صلى الله عليه وآله اعتذروا بأن الله عفا عنهم.
قلنا: كان العفو عن العاجل خاصة لقوله تعالى ﴿وكان عهد الله مسؤولا﴾ (3)