إن قالوا: فالبيعة صارت حقا بموافقته. قلنا: أما عندنا فإنه لم يوافق عليها أبدا والسكوت لا يدل على الرضا باطنا. على أنها لو كانت إنما صارت حقا ببيعته عليه السلام لزم الدور لأن البيعة لا تجوز لغير مستحقها فلو توقف استحقاق الخلافة عليها دار.
إن قالوا: يلزم مثله في النص إذ يقال: لا يجوز النص بالخلافة لغير مستحقها ثم إنه لا يستحقها إلا بالنص فدار. قلنا: لا نقول إنما يستحقها بالنص بل النص كاشف عن سبق استحقاقها لأجل الصفات والمزايا الموجبة لها، التي علم الله في علي حصولها، وليس لهم جعل البيعة كاشفة لأنهم قالوا صارت حقا بالبيعة، فكانت باطلا قبلها، ولا إجماع للرعية على الخواص الموجبة لها من أن البيعة لم تصر حقا ببعض الأمة لعدم الاجماع فيها وعلي عندكم ليس بمعصوم حتى يلزم صحتها بدخوله فيها.
إن قالوا: هو عندكم معصوم فيلزمكم صحتها بدخوله فيها، قلنا عندنا أنه لم يدخل فيها فلم نحكم بصحتها فلا إلزام لكم علينا فيها، وأما كل الأمة فلم تجتمع عليها لاشتهار بني هاشم وغيرهم على خلافها وإنشاء أشعارهم بتهجينها، قال بريدة الأسلمي:
يا بيعة هدموا بها * أسا وحيث دعائم أتكون بيعتهم هدى * وتغيب عنها هاشم ويكون رائدها إذا * مولى حذيفة سالم فليصبحن وكلهم * أسف عليها نادم أمر النبي معاشر * هم أسوة ولهاذم أن يدخلوا ويسلموا * تسليم من هو عالم إن الوصي له الإمامة بعده بالناس فيها قائم والعهد لا مخلولق * منه ولا متقادم ونحو هذا كثير نكتفي عنه بعنوانه، من أراده طلبه من مكانه.