وهذا منصرفنا عنهم، والمارقين والله ما أدري أين هم ولكن لا بد من قتالهم، لأني سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول لعمار: تقتلك الفئة الباغية، وأنت إذ ذاك مع الحق و الحق معك إن سلك علي واديا والناس كلهم واديا فاسلك وادي علي فإنه لن يدخلك في ردى ولن يخرجك من هدى، يا عمار من تقلد سيفا وأعان عليا على عدوه قلده الله يوم القيامة وشاحين من در ومن تقلد سيفا أعان به عدوه قلده الله يوم القيامة وشاحين من نار فقالا: حسبك رحمك الله.
وروى ابن مردويه في كتاب الأربعين بطريق عائشة قول النبي صلى الله عليه وآله: الحق مع علي وعلي مع الحق لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ورواه أيضا بطريق أم سلمة.
وروى هو أيضا عن الأصبغ بن نباتة لما أصيب زيد بن صوحان بالجمل وقف عليه علي وبه رمق وقال: يرحمك الله ما عرفتك إلا خفيف المؤنة كثير المعونة فقال:
وأنت يرحمك الله ما عرفتك إلا بالله وبآياته عارفا والله ما قاتلت معك عن جهل ولكني سمعت من حذيفة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي أمير البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره مخذول من خذله ألا وإن الحق معه يتبعه ألا فميلوا معه.
إذا عرفت هذا فقد علم بنقل الفريقين تأخيره عن بيعة أبي بكر فإن كان الحق في التأخر فالباطل في البيعة، وإن كان في البيعة فقد فارق علي الحق و بطل الخبر.
إن قالوا: تأخر علي كان لعذر هو جمع القرآن فلا يلزم خروجه عن الحق ولا خروج البيعة عن الحق وإلا لبطلت إمامة علي حين تأخر عن النهوض فيها لعذر قلنا: لا، بل الصواب إن كان في العجلة في البيعة فالخطأ في التأخير وإلا ففيها وجمع القرآن ليس عذرا مانعا عنها مع استدراكه بعدها، ولو كان تأخره لذلك لم يخرج من بيته مكرها إليها وجلوسه عن طلب حقه بالسيف ليس جلوسا عن إمامته، فإنه طلب الإمامة بلسانه وذكر تظلماته، ولو لم يرد في ذلك رواية لكان في نصوص النبي عليه كفاية.