وقوله تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم (1)) أراد تعالى نعيم بن مسعود ولو حمل لفظ (الذين) على العموم لزم أن يكون كل واحد وليا لنفسه فكأنه قال إنما وليكم بعد الله ورسوله أنتم هذا وقد ذهب جماعة من الأصوليين إلى أنه لا صيغة تختص بالعموم.
قالوا: ذكرتم أن عليا كانوا يخرجون النصول من جسده في سجوده لانجذاب نفسه إلى ملاحظة عظمة ربه فكيف شعر بالسائل في صلاته؟ قلنا: ذلك من خصائصه عليه السلام ليجمع بين العبادتين وليس في ذلك انصراف عن عظمته تعالى بل انصراف إليها من جهة أخرى فإن الساقي لا يضل مع سكره عن أن يشرب ويسقي ندماءه قال بعضهم:
يسقي ويشرب لا تلهيه سكرته * عن النديم ولا يلهو عن الكأس أطاعه سكره حتى تمكن من * فعل الصحاة فهذا أفضل الناس قالوا: المشهور بين الفريقين (2) أن عليا عليه السلام قال: الفخر بالفقر ولا زكاة مع الفقر. قلنا: الفقر هنا هو سلب الاعتماد على غير الله ولو سلم أنه فقير المال لم يناف الزكاة المستحبة وهي مطلق التطوع وعلى تقدير وجوبها لا يلزم نفي الفقر عمن كلف به لجواز حصول نصابها مع دين يستغرقها فإنه لا يمنعها قال الخوارزمي:
مؤد في الركوع زكاة مال * جرايب قد حواها بالجراب قالوا: هو جواد وهل تجب الزكاة على الجواد؟ قلنا: كلام الجواد خطابي مع أن دفع الزكاة جود فكيف ينافي الجود، بل كيف يتحقق الجود مع نفي ما به يجود على أن الاعطاء يتعلق بالحكمة والمصلحة وإلا لنسب عدم الجود إلى الله في منع الفقراء.
قالوا: الركوع لغة الخضوع فمعنى (وهم راكعون) أي وهم متواضعون قلنا: لا بل الركوع هو التطأطؤ قال صاحب كتاب العين: كل من ينكب لوجهه