قال لا ينال عهدي الظالمين (1)) وقد قال الرب العليم (إن الشرك لظلم عظيم (2)) وأبو بكر وعمر وعثمان عبدوا الأوثان، برهة من الزمان.
إن قيل: توبتهم ترفع الظلم عنهم. قلنا: اللفظ مطلق فتخصيصه بوقت ترجيح بغير مرجح، ولأنه قد تقرر في الأصول عدم اشتراط بقاء المعنى في صدقه.
إن قيل: فعلى هذا يطلق على أكابر الصحابة الذين أسلموا أنهم ظلمة.
قلنا: سلمنا ذلك لغة ونمنع منه شرعا.
إن قيل: فعلي يدخل في ذلك لتجدد إسلامه قلنا: لا، بل أظهر الاسلام لانعقاد إجماع الأنام، أنه لم يسجد للأصنام، ولهذا اختص وحده بكرم الله وجهه.
إن قيل: (لا ينال عهدي الظالمين) مهملة وهي كالجزئية فيصير التقدير لا ينال عهدي بعض الظالمين ولا يدل هذا في الثلاثة على خروجهم من وصول العهد إليهم. قلنا: عهدي مضاف وهي للعموم والألف واللام للاستغراق وذلك يدل على أنها كلية وقد قيل بسقوط المهملة في كلام العرب لأن القضية إن وجد فيها الألف واللام فكلية وإن عدما فجزئية فلا مهملة، على أن (لا ينال) نكرة منفية فهي للعموم كما قرر في العربية وأيضا (ينال عهدي الظالمين) موجبة جزئية على رأي الخصم فنقيضها (لا ينال عهدي) سالبة كلية ولأنه يصح استثناء كل زمان منه وهو معيار العموم فما يهول به كلام موهوم.
إن قيل: تقديم حرف النفي دل على السلب الجزئي. قلنا: كلام المنفرد بالجلال، أصدق من هذا الخيال، إذ قال (ولا تقتلوا النفس. ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل. ولا تقربوا الزنى، ولا تأكلوا الربى (3)). وغيرها.
إن قالوا: هذه نواهي وما نحن بصدده خبر، فلا قياس. قلنا: فقوله: لا إله إلا الله خبر ولا تدركه الأبصار خبر مع جواز أن يراد بالخبر في قوله (لا ينال