مختارين قطعا على سائر الأسباب وهذا واضح لذوي الألباب.
وقال الغزالي في المجلد الثامن من الإحياء في كتاب النية والإخلاص ما هذا لفظه: بيان أن النية غير داخلة تحت الاختيار (1)، ثم شرع يستدل على صحة هذا المقال وهذا موافقة لأهل العدل بغير إشكال.
وقال: في كتاب حماقة أهل الإباحة في الجواب عن شبهتهم الأولى ما هذا لفظه: فإن الله تعالى ما كلفنا لأجل أن ينتفع بذلك، بل لأجل انتفاعنا نحن بذلك. وضرب الغزالي لذلك مثل الطبيب والمريض، ثم قال: وكذا الرب تعالى أمرنا بالطاعة ونهانا عن المعصية للراحة لنا وفائدة راجعة إلينا وهو مقدس منزه عن أفعالنا طاعة كانت أو معصية.
أقول: أما تراه عند ترك المعصية كيف يشهد بتنزيه الجلالة الإلهية من أفعال العباد؟ وهذا واضح لمن ترك منهم سبيل المكابرة والعناد وكان من أهل السداد وقد تقدم من الرد أهل هذه الاعتقادات ما في بعضه كفاية وشفاء لأهل العقول والديانات فاعتبر ما قلناه وقدمناه واحفظ نفسك من تقليد المجبرة وغيرهم ممن ترك الحق والصدق والذي حققناه.
ومن مناظرات أهل العدل للمجبرة ما روي أن ثمامة كان في مجلس المأمون وأبو العتاهية حاضر فسأل أبو العتاهية المأمون أن يأذن له في مناظرة ثمامة والاحتجاج عليه فأذن له، فحرك أبو العتاهية يده وكان مجبرا وقال: من حرك هذه؟ ثمامة: وكان يقول بالعدل: حركها من أمه زانية. فقال أبو العتاهية شتمني يا مأمون في مجلسك. فقال ثمامة: ترك مذهبه يا مأمون، لأنه يزعم أن الله حركها فلأي سبب غضب أبو العتاهية وليس لله أم فانقطع أبو العتاهية.
ومن عجيب ما تقحم به المجبرة الذين يقولون إنه لا فاعل سوى الله وإن