الوقوع وكل ما علم عدمه فهو مراد العدم، فعلى هذا إيمان أبي جهل مأمور به وغير مراد وكفره منهي عنه وهو مراد. هذا لفظه وقد حكيناه بصورته (1).
(قال عبد المحمود): لو صح ما قاله الرازي لكان أبو جهل غلب محمدا " ص " وأبطل رسالته إليه، وكل كافر أيضا بأن يقولوا لمحمد ربك ما يريد منا الإسلام وأنت تريده، واتباع إرادة ربك أوجب من اتباع إرادتك، وكان قد انقطع محمد وبانقطاعه ينقطع حجة مرسله، وإن كان الرازي المثكل يزعم أن محمدا " ص " ما يريد أيضا من الكفار الإيمان فتكون حجتهم قد ازدادت قوة ويقولون له إذا كان الله الذي أرسلك ما يريد الإيمان منا وأنت ما تريده منا فنحن أيضا ما نريد خلاف إرادتكما، فعلام تحاربنا وتعادينا وقد وافقت إرادتنا إرادتك وإرادة من أرسلك، فكان أبلغ في ظهور حجة الكفار عليه وانقطاع حجته وحجة مرسله.
وكان أهل الجاهلية أقل كفرا من هذا الاعتقاد، والجاحدون لله والجاهلون به ما بلغوا إلى هذه الغاية من الكفر والفساد، لأن أولئك ما عرفوه فما نسبوا إليه خيرا ولا شرا وهؤلاء المجبرة ادعوا معرفته ونسبوا كل شر وكفر وخير إليه، فيعز على الله تعالى وعلى رسوله ما جنى هؤلاء عليه، وكيف يقبل عقل الذين يعتقدون إن الله تعالى هو الفاعل لأفعال العباد أن يكون الله تعالى يبعث رسولا خلقه ويبعث معه ما يقيم أعذارهم في مخالفتهم فعل من أرسله وإنهم بريئون منها، وهل كان يبقى للرسل حكم أو حجة.
ومن عجيب طرائف المجبرة إن كتبهم بالمهور والديون تتضمن أن المقرين أقروا طوعا في صحة من أمرهم غير مجبرين ولا مكرهين ويكتبون هذا الوصف للمقرين في شريعة الإسلام ومجلس قضائهم بشهادة معدليهم، ثم يكتبون