يبصر ولا يغني عنك شيئا " (1) وقال عز وجل " إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم " (2) وقال إبراهيم لقومه " فاسئلوهم إن كانوا ينطقون " (3) وعاب العجل فقال " ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا " (4) وقال أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا " (5) فلما عاب الطواغيت بعدم تلك الصفات تبين أنه يمدح بها نفسه وأنها حقائق فيه، فهذا صورة لفظ صاحب الإعتقادات الحنبلي.
(قال عبد المحمود): فهؤلاء قد بلغوا غاية عظيمة من الضلال وفارقوا العقول وكتابهم ونبيهم بكل حال، أما العقول فإنها شاهدة إن كل مركب من الأعضاء فإنه لا بد له ممن يركبه ويؤلفه فيجب أن يكون المركب محدثا فيحتاج إلى صانع قديم أحدثه وألفه، هكذا يشهد العقول الصحيحة بحدوث المركبات والمؤلفات والمحدودات بالحدودات أو بالجهات.
وأما كتابهم فإنه قال في وصف الله تعالى " ليس كمثله شئ " (6) وغير ذلك من التنزيه التام، فلو كان لله أعضاء كما ذكروا كانت لها أمثال كثيرة.
وأما نبيهم محمد صلى الله عليه وآله فلا يحصى أخباره بتنزيه الله وكذلك أخبار عترته المترجمون عنه. وقد تضمن كتاب نهج البلاغة من كلام علي بن أبي طالب عليه السلام طرفا بليغا في تنزيه الله عن صفات المحدثات.
وأما قول صاحب كتاب اعتقاد الحنابلة من أن الله تعالى عاب الطواغيت.