لمعصيتهم إياه. قال العدلي: فقد جعلت ههنا شيئا ثالثا وأنت قلت إنه ليس في الوجود شئ غير الله وما خلق فهذا قولك يعصى من هو العاصي، فانقطع الجبري وحكم الحاكم بينهما بانقطاع الجبري.
ومن الحكايات المأثورة أن جماعة من اليهود اجتمعوا إلى أبي بحر الخاقاني وقالوا له ما معناه: أنت سلطان عادل ومنصف من المسلمين وفي بلدك المجبرة وهم الذين يعولون عليهم في الأقوال والأفعال. وهم يشهدون لنا أننا لا نقدر على الإسلام ولا على الإيمان، فكيف تؤخذ الجزية من قوم لا يقدرون على الإسلام ولا الإيمان؟ فجمع المجبرة وقال لهم: ما تقولون فيما قد ذكره اليهود من احتجاجهم عليكم؟ فقالوا: كذا نقول وإنهم لا يقدرون على الإسلام والإيمان، فطالبهم بالدليل على قولهم فلم يقدروا عليه، فنفاهم (1).
(قال عبد المحمود) مؤلف هذا الكتاب: ومما يقال للمجبرة إنا نسمع الله جل جلاله قد طلب التوبة من العباد، وقد تاب قوم وامتنع آخرون والقرآن والأخبار مملوءة من ذلك وشاهدة به، فإن كانت الأفعال فلم يطلب التوبة من غيره؟ وإن كانت التوبة منه أو كان شريكا للعبد في الأفعال جل وعلا عن قول الظالمين فليت شعري مما ذا تاب؟ وإن لم يكن التوبة منه ولا من غيره من العباد فمن هذا التائب النادم؟ ومن هذا المصر الممتنع من التوبة؟ إنني أرى المجبرة على صفة عجيبة من الجهالة وغريبة عظيمة من الضلالة.
ومما يقال للمجبرة: قد رحمناكم لشدة غفلتكم، وخاصة الذين يقولون منكم لا فاعل سوى الله تعالى، ثم يقولون إن العبد غير مختار وإنه مضطر فيما يصدر عنه، ويا لله والعجب من جهالاتكم إذا كان لا فاعل سوى الله تعالى وعندكم وعند كافة أهل الإسلام إن الله تعالى مختار غير مضطر ولا ملجأ، وكيف صارت