لازما وقدرا حتما، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد والأمر والنهي، ولم يأت لائمة من الله لمذنب ولا محمدة لمحسن، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسئ ولا المسئ أولى بالذم من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان وجنود الشيطان وشهود الزور وأهل العمى عن الصواب، وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها، إن الله تعالى أمر تخييرا ونهى تحذيرا وكلف يسرا، ولم يكلف عسرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يرسل الرسل إلى خلقه عبثا ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.
فقال الشيخ: وما القضاء والقدر اللذان ما سرنا إلا بهما. قال: هو الأمر من الله تعالى والحكم، ثم تلا قوله " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " (1) فنهض الشيخ مسرورا وهو يقول:
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته * يوم النشور من الرحمن رضوانا أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا * جزاك ربك عنا فيه إحسانا (2) ومن الحكايات المذكورة ما رواه كثير من المسلمين عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام من عترة نبيهم أنه قال يوما لبعض المجبرة: هل يكون أحد أقبل للعذر الصحيح من الله؟ فقال: لا. فقال له: فما تقول فيمن قال ما أقدر وهو لا يقدر، أيكون معذورا أم لا؟ فقال المجبر: يكون معذورا.
قال له: فإذا كان الله يعلم من عباده أنهم ما قدروا على طاعته وقال لسان حالهم أو مقالهم لله يوم القيامة: يا رب ما قدرنا على طاعتك لأنك منعتنا منها، أما يكون قولهم وعذرهم صحيحا على قول المجبرة؟ قال: بلى والله. قال: فيجب