كادوا ليستفزونك من الأرض) وقال أهل مكة: تركت ملة قومك وقد علمنا أنه لا يحملك على ذلك إلا الفقر فانا نجمع لك من أموالنا حتى تكون من اغنانا فنزل:
(قل أغير الله أتخذ وليا) وكان المشركون إذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم على محمد؟ قالوا أساطير الأولين فنزل (وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم) الآية.
ابن عباس، قالت قريش: ان القرآن ليس من عند الله وإنما يعلمه بلعام وكان قينا بمكة روميا نصرانيا، وقال الضحاك: أرادوا به سلمان، وقال مجاهد: عبد النبي الحضرمي يقال له يعيش فنزل (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر) الآية، وقوله (وقال الذين كفروا ان هذا إلا إفك افتراه) محمد واختلقه من تلقاء نفسه وأعانه عليه قوم آخرون يعنون عداسا مولى خويطب ويسار غلام العلاء بن الحضرمي وحميرا مولى عامر وكانوا من أهل الكتاب، فكذبهم الله تعالى فقال (فقد جاؤوا ظلما وزورا) الآيات.
قال علم الهدى والناصر للحق في رواياتهم: ان النبي صلى الله عليه وآله لما بلغ إلى قوله (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) القى الشيطان في تلاوته تلك الغرانيق (1) العلى وان شفاعتهن لترتجي، فسر بذلك المشركون، فلما انتهى إلى السجدة سجد المسلمون والمشركون معا (ان صح هذا الخبر فمحمول على أنه كان يتلو القرآن فلما بلغ إلى هذا الموضع قال بعض المشركين ذلك فألقى في تلاوته فأضافه الله إلى الشيطان لأنه إنما حصل باغرائه ووسوسته وهو الصحيح لان المفسرين رووا في قوله (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء).
كان النبي صلى الله عليه وآله في المسجد الحرام فقام رجلان من عبد الدار عن يمينه يصفران ورجلان عن يساره يصفقان بأيديهما فيختلطان عليه صلاته فقتلهم الله جميعا ببدر، قوله (فذوقوا العذاب).
وروي في قوله (وقال الذين كفروا) أي قال رؤساؤهم من قريش لا تباعهم لما عجزوا عن معارضة القرآن (ان لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) أي عارضوه باللغو والباطل والمكاء ورفع الصوت بالشعر (لعلكم تغلبون) باللغو (فلنذيقن الذين كفروا). قال البختري: