محمد بن كعب وعائشة: أول ما بدأ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة وكان يرى الرؤيا فتأتيه مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلا فكان يخلو بغار حري (1) فسمع نداء: يا محمد، فغشى عليه، فلما كان اليوم الثاني سمع مثله نداء فرجع إلى خديجة فقال زملوني زملوني فوالله لقد خشيت على عقلي، فقالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدا انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق، فانطلقت خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل فقال ورقة: هذا والله الناموس الذي انزل على موسى وعيسى وانى أرى في المنام ثلاث ليال ان الله أرسل في مكة رسولا اسمه محمد وقد قرب وقته وقد قرب وقته ولست أرى في الناس رجلا أفضل منه، فخرج إلى حرى فرأى كرسيا من ياقوتة حمراء مرقاة من زبرجد ومرقاة من لؤلؤ، فلما رأى ذلك غشى عليه فقال ورقة: يا خديجة فإذا أتته الحالة فاكشفي عن رأسك فان خرج فهو ملك وإن بقي فهو شيطان، فنزعت خمارها فخرج الجائي فلما اختمرت عاد، فسأله ورقة عن صفة الجائي فلما حكاه قام وقبل رأسه وقال: ذاك الناموس الأكبر الذي نزل على موسى وعيسى، ثم قال: ابشر فإنك أنت النبي الذي بشر به موسى وعيسى وانك نبي مرسل ستؤمر بالجهاد وتوجه نحوها وأنشأ يقول:
فان يك حقا يا خديجة فاعلمي * حديثك إيانا فأحمد مرسل وجبريل يأتيه وميكال معهما * من الله وحي يشرح الصدر منزل يفوز به من فاز عزا لدينه * ويشقى به الغاوي الشقي المضلل فريقان منهم فرقة في جنانه * وأخرى بأغلال الجحيم تغلل ومن قصيدة له:
يا للرجال لصرف الدهر والقدر وما لشئ قضاه الله من غير حتى خديجة تدعوني لأخبرها * وما لنا بحقي العلم من خبر فخبرتني فأمر قد سمعت به * فيما مضى من قديم الناس والعصر بأن أحمد يأتيه فيخبره * جبريل انك مبعوث إلى البشر ومن قصيدة له:
فخبرنا (2) عن كل خير بعلمه * وللحق أبواب لهن مفاتح