أترى أراه واللواء أمامه * وعلي ابني للواء معانق أتراه يشفع لي ويرحم عبرتي * هيهات انى لا محالة زاهق وكتب إلى النجاشي (تعلم أبيت اللعن ان محمدا) الأبيات، فأسلم النجاشي وكان قد سمع مذاكرة جعفر وعمرو بن العاص ونزل فيه (وإذا سمعوا ما انزل إلى الرسول) إلى قوله (أجر المحسنين).
عكرمة وعروة بن الزبير وحديثهما لما رأت قريش انه يفشو أمره في القبائل وان حمزة أسلم وان عمرو بن العاص رد في حاجته عند النجاشي، فأجمعوا أمرهم ومكرهم على أن يقتلوا رسول الله علانية، فلما رأى ذلك أبو طالب جمع بني عبد المطلب فأجمع لهم أمرهم على أن يدخلوا رسول الله شعبهم فاجتمع قريش في دار الندوة وكتبوا صحيفة على بني هاشم ان لا يكلموهم ولا يزوجوهم ولا يتزوجوا إليهم ولا يبايعوهم أو يسلموا إليهم رسول الله وختم عليها أربعون خاتما وعلقوها في جوف الكعبة.
وفي رواية عند زمعة (1) بن الأسود فجمع أبو طالب بني هاشم وبني عبد المطلب في شعبه وكانوا أربعين رجلا مؤمنهم وكافرهم ما خلا أبا لهب وأبا سفيان فظاهراهم عليه فحلف أبو طالب لئن شاكت محمدا شوكة لآتين عليكم يا بني هاشم وحصن الشعب وكان يحرسه بالليل والنهار، وفي ذلك يقول:
ألم تعلموا انا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب أليس أبونا هاشم شد ازره * وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب وان الذي علقتم من كتابكم * يكون لكم يوما كراعية السقب أفيقوا أفيقوا قبل ان يحفر الثرى * ويصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب وله أيضا:
وقالوا خطة جورا وحمقا * وبعض القول أبلج مستقيم لتخرج هاشم فيصير منها * بلاقع بطن مكة والحطيم فمهلا قومنا لا تركبونا * بمظلمة لها أمر وخيم فيندم بعضكم ويذل بعض * وليس بمفلح ابدا ظلوم فلا والراقصات بكل خرق * إلى معمور مكة لا يريم (2)