أبو سعيد الواعظ في كتاب شرف المصطفى انه لما حضرت عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب فقال له: يا بني قد علمت شدة حبي لمحمد ووجدي به أنظر كيف تحفظني فيه؟ قال أبو طالب: يا أبه لا توصني بمحمد فإنه ابني وابن أخي، فلما توفي عبد المطلب كان أبو طالب يؤثره بالنفقة والكسوة على نفسه وعلى جميع أهله.
ابن عباس قال أبو طالب لأخيه: يا عباس أخبرك عن محمد اني ضممته فلما أفارقه ساعة من ليل أو نهار فلم أأتمن أحدا حتى نومته في فراشي فأمرته أن يخلع ثيابه وينام معي فرأيت في وجهه الكراهية فقال: يا عماه اصرف بوجهك عني حتى أخلع ثيابي وأدخل فراشي، فقلت له: ولم ذاك؟ فقال: لا ينبغي لاحد أن ينظر إلى جسدي فتعجبت من قوله وصرفت بصري عنه حتى دخل فراشه فإذا دخلت أنا الفراش إذا بينه وبيني ثوب والله ما أدخلته في فراشي فأمسه فإذا هو ألين ثوب ثم شممته كأنه غمس في مسك وكنت إذا أصبحت فقدت فكان هذا دأبي ودأبه وكنت كثيرا ما أفتقده في فراشي فإذا قمت لأطلبه بادرني من فراشي ها أنا ذا يا عم فارجع إلى مكانك وكان النبي صلى الله عليه وآله يأتي زمزم فيشرب منها شربة فربما عرض عليه أبو طالب الغدا فيقول لا أريده أنا شبعان وكان أبو طالب إذا أراد أن يعشي أولاده أو يغديهم يقول كما أنتم حتى يحضر ابني فيأتي رسول الله فيأكل معهم فيبقى الطعام.
القاضي المعتمد في تفسيره قال أبو طالب: لقد كنت كثيرا ما أسمع منه إذا ذهب من الليل كلاما يعجبني وكنا لا نسمي على الطعام ولا على الشراب حتى سمعته يقول:
بسم الله الأحد، ثم يأكل فإذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله كثيرا. فتعجبت منه وكنت ربما أتيت غفلة فأرى من لدن رأسه نورا ممدودا قد بلغ السماء ثم لم أر منه كذبة قط ولا جاهلية قط ولا رأيته بضحك في غير موضع الضحك ولا مع الصبيان في لعب ولا التفت إليهم وكانت الوحدة أحب إليه والتواضع.
وكان النبي ابن سبع سنين فقالت اليهود: وجدنا في كتبنا ان محمدا يجنبه ربه من الحرام والشبهات فجربوه، فقدموا إلى أبي طالب دجاجة مسمنة فكانت قريش يأكلون منها والرسول صلى الله عليه وآله تعدل يده عنها فقالوا: مالك؟ قال: أراها حراما يصونني ربي عنها، فقالوا: هي حلال فنلقمك، قال: فافعلوا إن قدرتم، فكانت أيديهم تعدل بها إلى الجهات فجاؤه بدجاجة أخرى قد أخذوها لجار لهم غائب على أن يؤدوا ثمنها إذا جاء فتناول منها لقمة فسقطت من يده فقال صلى الله عليه وآله: وما أراها إلا من شبهة يصونني ربي عنها، فقالوا: نلقمك منها، فكلما تناولوا منها ثقلت أيديهم فقالوا لهذا شأن عظيم