يكفي النبي صلى الله عليه وآله وقال: من يتولى أمر هذا الغلام؟ فقلت: أنا، قال: أي شئ تكون منه؟ قلت: أنا عمه، فقال: له أعمام أيهم أنت؟ قلت: أنا أخو أبيه من أم واحدة، فقال: أشهد انه هو وإلا فلست بحيراء، فأذن في تقريب الطعام فقلت:
رجل أحب أن يكرمك فكل، فقال: هو لي من دون أصحابي؟ قال: هو لك خاصة فقال: فاني لا آكل دون هؤلاء، فقال له: انه لم يكن عندي أكثر من هذا، قال أفتأذن أن يأكلوا معي؟ قال بلى، قال: كلوا بسم الله، فأكل وأكلنا معه فوالله لقد كنا مائة وسبعين رجلا فأكل كل واحد منا حتى شبع وتجشأ وبحيراء على رأسه يذب عن النبي صلى الله عليه وآله ويتعجب من كثرة الرجال وقلة الطعام وفي كل ساعة يقبل يافوخه ويقول: هو هو ورب المسيح، فقالوا له: ان لك لشأنا، قال: إني لأرى ما لا ترون وأعلم ما لا تعلمون وان تحت هذه الشجرة لغلاما لو أنتم تعلمون منه ما أعلم لحملتموه على أعناقكم حتى تردوه إلى وطنه ولقد رأيت له وقد أقبل نورا أمامه ما بين السماء والأرض ولقد رأيت رجالا في أيديهم مراوح الياقوت والزبرجد يروحونه وآخرين ينثرون عليه أنواع الفواكه ثم هذه السحابة لا تفارقه ثم صومعتي مشت إليه كما تمشي الدابة على رجلها ثم هذه الشجرة لم تزل يابسة قليلة الأغصان وقد كثرت أغصانها واهتزت وحملت ثلاثة أنواع من الفواكه ثم فاضت هذه الحياض بعد ما غارت في أيام الحواريين، ثم قال: يا غلام أسألك بحق اللات والعزى عن ثلاث، فقال:
والله ما أبغضت شيئا كبغضي إياهما، فسأله بالله عن حاله ونومه وهيئته ثم نظر إلى خاتم النبوة فجعل يقبل رجليه فقال لأبي طالب: ما هو منك؟ قال: ابني، قال: ما هو بابنك ولا ينبغي أن يكون أبوه حيا. فقال: انه ابن أخي مات أبوه وهو صغير، فقال: صدقت الآن فارجع به إلى بلده واحذر عليه اليهود والله لئن عرفوا منه ما عرفت ليقتلنه وان لابن أخيك لشأنا عظيما فقال: إن كان الامر كما وصفت فهو في حصن الله، وفي ذلك يقول أبو طالب وقد أوردها محمد بن إسحاق:
ان ابن آمنة النبي محمدا * عندي بمثل منازل الأولاد لما تعلق بالزمام رحمته * والعيس قد قلصن بالأزواد فارفض من عيني دمع ذارف * مثل الجمان مفرد الافراد راعيت فيه قرابة موصولة * وحفظت فيه وصية الأجداد وأمرته بالسير بين عمومه * بيض الوجوه مصاله الانجاد