القاضي المعتمد (1) في تفسيره عن ابن عباس انه وقع بين أبي طالب وبين يهودي كلام وهو بالشام فقال اليهودي: لم تفخر علينا وابن أخيك بمكة يسأل الناس، فغضب أبو طالب وترك تجارته وقدم مكة فرأى غلمانا يلعبون ومحمد فيهم مختل الحال فقال له: يا غلام من أنت ومن أبوك؟ قال: أنا محمد بن عبد الله أنا يتيم لا أب لي ولا أم، فعانقه أبو طالب وقبله ثم ألبسه جبة مصرية ودهن رأسه وشد دينارا في ردائه ونشر قبله تمرا فقال: يا غلمان هلموا فكلوا، ثم أخذ أربع تمرات إلى أم كبشة وقص عليها فقالت: فلعله أبوك أبو طالب، قال: لا أدري رأيت شيخا بارا، إذ مر أبو طالب فقالت: يا محمد كان هذا؟ قال: نعم، قالت: هذا أبوك أبو طالب، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وآله وتعلق به وقال: يا أبه الحمد لله الذي أرانيك لا تخلفني في هذه البلاد، فحمله أبو طالب.
الأوزاعي (2): كان النبي صلى الله عليه وآله في حجر عبد المطلب فلما أتي عليه اثنان ومائة سنة ورسول الله ابن ثمان سنين جمع بنيه وقال: محمد بتيم فآووه وعائل فأغنوه احفظوا وصيتي فيه، فقال أبو لهب: أنا له، فقال: كف شرك عنه، فقال العباس: أنا له، فقال: أنت غضبان لعلك تؤذيه، فقال أبو طالب: انا له، فقال: أنت له يا محمد أطع له، فقال رسول الله: يا أبه لا تحزن فان لي ربا لا يضيعني، فأمسكه أبو طالب في حجره وقام بأمره يحميه بنفسه وماله وجاهه في صغره من اليهود المرصدة له بالعداوة ومن غيرهم من بني أعمامه ومن العرب قاطبة الذين يحسدونه على ما آتاه الله من النبوة، وأنشأ عبد المطلب:
أوصيك يا عبد مناف بعدي * بموحد بعد أبيه فرد وقال:
وصيت من كفيته بطالب * عبد مناف وهو ذو تجارب يا بن الحبيب أكرم الأقارب * يا بن الذي قد غاب غير آيب فتمثل أبو طالب وكان سمع من الراهب وصفه:
لا توصني بلازم وواجب * اني سمعت أعجب العجائب من كل حبر عالم وكاتب * بان بحمد الله قول الراهب