ولما ظهر امره صلى الله عليه وآله عاداه أبو جهل وجمع صبيان بنى مخزوم فقال: أنا أميركم، وانعقد صبيان بني هاشم وبنى عبد المطلب على النبي وقالوا: أنت الأمير، قالت أم علي (ع) وكان في صحن داري شجرة قد يبست وخاست ولها رمان يابسة فأتى النبي يوما إلى الشجرة فمسها بكفه فصارت من وقتها وساعتها خضراء وحملت الرطب فكنت في كل يوم أجمع له الرطب في دوخلة (1) فإذا كان وقت ضاحي النهار يدخل فيقول يا أماه أعطيني ديوان العسكر فكان يأخذ الدوخلة ثم يخرج ويقسم الرطب على صبيان بني هاشم، فلما كان بعض الأيام دخل وقال: يا أماه أعطيني ديوان العسكر، فقلت يا ولدي اعلم أن النخلة ما أعطتنا اليوم شيئا، قالت: فوحق نور وجهه لقد رأيته وقد تقدم نحو النخلة وتكلم بكلمات وإذا بالنخلة قد انحنت حتى صار رأسها عنده فأخذ من الرطب ما أراد ثم عادت النخلة إلى ما كانت، فمن ذلك اليوم قلت: اللهم رب السماء ارزقني ولدا ذكرا يكون أخا لمحمد ففي تلك الليلة واقعني أبو طالب فحملت بعلي بن أبي طالب فرزقته فما كان يقرب صنما ولا يسجد لوثن كل ذلك ببركة محمد.
المفسرون عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى (لإيلاف قريش) انه كانت لهم في كل سنة رحلتان باليمن والشام، وكان من وقاية أبي طالب انه عزم على الخروج في ركب من قريش إلى الشام تاجرا سنة ثمان من مولده صلى الله عليه وآله أخذ النبي بزمام ناقته وقال: يا عم على من تخلفني ولا أب لي ولا أم؟ وكان قيل لي (2) ما يفعل به في هذا الحر وهو غلام صغير فقال: والله لأخرجن به ولا أفارقه أبدا. وفي رواية الطبري ضب به رسول الله صلى الله عليه وآله فرق له أبو طالب فخشيت له خشية (3) وكانوا ركبانا كثيرا فكان والله البعير الذي كان عليه محمد أمامي ولا يفارقني ويسبق الركب كلهم وكانت سحابة بيضاء مثل الثلج تظله وربما أمطرت علينا أنواع الفواكه، وكان يكثر الماء وتخضر الأرض، وكان وقف جمال قوم فمشى إليها ومسح عليها فسارت فلما قربنا من بصرى إذا نحن بصومعة تمشي كما تمشي الدابة السريعة حتى إذا قربت منا وقفت وإذا فيها راهب، فلما نظر إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: إن كان أحد فأنت أنت قال: فنزلنا تحت شجرة عظيمة قليلة الأغصان ليس لها حمل فاهتزت الشجرة وألقت أغصانها عليه وحملت ثلاثة أنواع فاكهتين للصيف وفاكهة للشتاء فجاء بحيراء بطعام