ثم مضمض ماء ومجه إلى عوسجة فأصبحوا وقد غلظت العوسجة وأثمرت وأينعت بثمر أعظم ما يكون في لون الورس ورائحة العنبر وطعم الشهد والله ما أكل منها جائع إلا شبع ولا ظمآن إلا روى ولا سقيم إلا برء ولا أكل من ورقها حيوان إلا در لبنها وكان الناس يستشفون من ورقها وكان يقوم مقام الطعام والشراب ورأينا النماء والبركة في أموالنا فلم يزل كذلك حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط وثمرها وصغر ورقها فإذا قبض النبي صلى الله عليه وآله فكانت بعد ذلك تثمر دونه في الطعم والعظم والرائحة وأقامت على ذلك ثلاثين سنة فأصبحنا يوما وقد ذهبت نضارة عيدانها فإذا قتل أمير المؤمنين (ع) فما أثمرت بعد ذلك قليلا ولا كثيرا فأقامت بعد ذلك مدة طويلة ثم أصبحنا وإذا بها قد نبع من ساقها دم عبيط وورقها زايل يقطر ماء كماء اللحم فإذا قتل الحسين (ع).
أجمع المفسرون والمحدثون سوى عطا والحسين والبلخي في قوله (اقتربت الساعة وانشق القمر) انه قد اجتمع المشركون ليلة بدر إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: ان كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين، قال: ان فعلت تؤمنون؟ قالوا: نعم، فأشار إليه بإصبعه فانشق شقتين رؤي حرى (1) بين فلقيه. وفي رواية نصفا على أبى قبيس ونصفا على قعيقعان (2). وفى رواية نصف على الصفا ونصف على المروة فقال صلى الله عليه وآله اشهدوا اشهدوا، فقال ناس: سحرنا محمد، فقال رجل: إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم. وكان ذلك قبل الهجرة وبقى قدر ما بين العصر إلى الليل وهم ينظرون إليه ويقولون: هذا سحر مستمر، فنزل (وان يروا آية يعرضون) الآيات. وفى رواية انه قدم السفار من كل وجه فما من أحد قدم إلا اخبرهم انهم رأوا مثل ما رأوا قال نصر بن المنتصر:
والقمر البدر المنير شقة * فقيل سحر عجب لما رأى وغرس صلى الله عليه وآله نوى فنبت نخلا وحملت الذهب الذي دفعه إلى سلمان وبارك فيه ووفى بكل ما كان عليه وما نقص منه وأرطبت في وقت واحد.