قبائل من أسد وغطفان أن يغيروا على أهل المدينة فكف الله عنهم بالقاء الرعب في قلوبهم قوله تعالى: (هو الذي أيدك بنصره)، وقال صلى الله عليه وآله: لم تخل في ظفر اما في ابتداء الامر واما في انتهائه.
وكان جميل بن معمر الفهري حفيظا لما يسمع ويقول: ان في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، فكانت قريش تسميه ذا القلبين فتلقاه أبو سفيان يوم بدر وهو آخذ بيده احدى نعليه والأخرى في رجله فقال له: يا أبا معمر ما الخبر؟
قال: انهزموا، قال: فما حال نعليك؟ قال: ما شعرت إلا انها في رجلي لهيبة محمد، فنزل (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه).
أمير المؤمنين (ع):
وينصر الله من لافاه ان له * نصرا يمثل بالكفار ما عندوا ومن أوضح الدلالات على نبوته صلى الله عليه وآله استيقان كافتهم بحدوده وتمكن موجباتها في غوامض صدورهم حتى أنهم يشتمون بالفسوق من خرج عن حد من حدوده وبالجهل من لم يعرفه وبالكفر من اعرض عنه ويقيمون الحدود ويحكمون بالقتل والضرب والأسر لمن خرج عن شريعته ويتبرأ الأقارب بعضهم من بعض في محبته وانه بقي في نبوته نيفا وعشرين سنة بين ظهراني قوم ما يملك من الأرض إلا جزيرة العرب فانسقت دعوته برا وبحرا منذ خمسمائة وسبعين سنة مقرونا باسم ربه ينادى بأقصى الصين والهند والترك والخرز والصقالبة والشرق والغرب والجنوب والشمال في كل يوم خمس مرات بالشهادتين بأعلى صوت بلا اجرة وخضعت الجبابرة لها ولا تبقى لملك نوبته بعد موته.
وعلى ذلك فسر الحسن ومجاهد قوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك) ما يقول المؤذنون على المنابر والخطباء على المنابر. قال الشاعر:
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه * إذا قال في الخمس المؤذن اشهد ومن تمام قوته انها تجذب العالم من أدنى الأرض وأقصى أطرافها في كل عام إلى الحج حتى تخرج العذراء من خدرها والعجوز في ضعفها ومن حضرته وفاته يوصي بأدائه، وقد نرى الصائم في شهر رمضان يتلهب عطشا حتى يخوض الماء إلى حلقه ولا يستطيع ان يجرع منه جرعة وكل يوم خمس مرات يسجدون خوفا وتضرعا وكذلك أكثر الشرائع وقد تخرب الناس في محبته حتى يقول كل واحد انا على الحق وأنت لست على دينه.