عليه وآله، الجهاد في سبيله، وجعل ثوابه مغفرة الذنب، ومساكن طيبة في جنات عدن. ثم أخبركم أنه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، فقدموا الدارع وأخروا الحاسر، وعضوا على الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا في أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة، وغضوا الأبصار فإنه أضبط (9) للجأش واسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار. ورأيتكم فلا تميلوها ولا تخلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم، فإن المانعين للذمار الصابرين على نزول الحقائق أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها.
رحم الله امرءا منكم آسى أخاه بنفسه، ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه، فيكتسب بذلك لائمة ويأتي به دناءة، فلا تعرضوا لمقت الله، ولا تفروا من الموت فإن الله تعالى يقول: (قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون بلا قليلا " (2). وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من سيف الآخرة، فاستعينوا بالصبر والصلاة والصدق في النية، فإن الله تعالى بعد الصبر ينزل النصر " (3).