جهلا في جهال عشوة (1)، غار (2) بأغباش الفتنة، عم عن الهدى، قد سماه أشباه الناس عالما ولم يغن فيه يوما سالما، بكر فاستكثر من جمع ما (3) قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن، واستكثر من غير طائل، جلس للناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، إن خالف من سبقه لم يأمن من نقض حكمه من يأتي بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا من رأيه ثم قطع عليه، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ، ولا يرى أن من وراء ما بلغ مذهبا، إن قاس شيئا بشئ لم يكذب رأيه، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به، لما يعلم من نفسه في الجهل والنقص والضرورة كيلا يقال أنه لا يعلم، ثم أقدم بغير علم، فهو خائض عشوات، ركاب شبهات، خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم، تبكي منه المواريث، وتصرخ منه الدماء، ويستحل بقضائه الفرج الحرام، ويحرم به الحلال، لا يسلم بإصدار ما عليه ورد، ولا يندم على ما منه فرط.
أيها الناس: عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعذرون بجهالته، فإن العلم الذي هبط به آدم وجميع (ما فضلت به) (4) النبيون إلى خاتم النبيين، في عترة محمد (5) صلى الله عليه وآله فأين يتاه بكم؟ بل أين تذهبون؟! يا من