المسجد من غد، وهل بات فيه أحد؟ فما اختبروا لذلك، وسلم الله وأحسن.
وذكر ذلك أبو القاسم بعد أن ظهر أمره لمن حضر تلك الليلة منهم المسجد، وكان ذلك عندهم من البراهين (1).
قال أبو القاسم: وخرجت من الجند أريد ناحية من نواحي اليمن، فاني لسائر على الطريق الذي أخذته اني رأيت عسكرا عظيما قد أقبل، وكان معي نفر، قالوا: هذا والله جيش أبي يعفر، وقد جاء لحرب جعفر بن إبراهيم صاحب المذيخرة، وتفرقوا في وعر جبل كنا فيه يستترون إلى أن يجوز العسكر خوفا من معرفتهم. وقصدت وحدي ناحية من الوعر، فوافقت كهفا، فدخلت فيه، فاني جالس، فدخل علي رجل، فسلم علي، وجلس، وقال: ممن الرجل؟
قلت: من هذه السيارة أتانا الجيش، فتخوفنا، وافترقنا نستتر إلى أن يمضي [الجيش].
فدعا بالخير، وأقبل يحدثني، ثم قال لي: أعندك علم من الفتيا؟
قلت: عندي من ذلك مثل ما يكون عند مثلي.
فسألني عن مسائل، فأجبته فيها. فلما أتيت على آخرها ملا عينيه مني، وأهملتا دموعا، ثم قبل رأسي ويدي ورجلي، وقال:
يا سيدي، رسول الله صلى الله عليه وآله أرسلني إليك لتستنقذني، وتأخذ بيدي.
قلت: وكيف ذلك أيها الرجل؟
قال: كنت رجل أرى رسول الله صلى الله عليه وآله في منامي في كل عام في ليلة معروفة من السنة، وكنت أتأهب لتلك