يقل: إن ظهوره مقارن لانقضاء هذه الأمور بل لظهوره علامات أخر كما في الأخبار (وبدا لكم النجم ذو الذنب) هذه علامة أخرى وقد طلع في زماننا سنة خمس وسبعين بعد ألف من الهجرة نجم ذو ذنب من قبل المشرق وامتد إلى شهر وآخر وكان ضوؤه وامتداده أقل من ذلك ويحتمل بعيدا أن يراد به الأجل أو الوقت المضروب فيكون إشارة إلى خروج الدجال أو يأجوج ومأجوج مع عساكرهما واتباعهما والله أعلم (ولاح لكم القمر المنير) يحتمل أن يراد به ظهور القايم أو نزول عيسى عليهما الصلاة والسلام فراجعوا التوبة لتضيق وقتها ولأنها نافعة من الهلاك (واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق) أراد به الصاحب عليه السلام وشبهه بالشمس في النور والظهور والاستيلاء على العالم ورفع حجب ظلم الجهالات.
وقال الفاضل الأمين الأسترآبادي: يحتمل أن يكون المراد به المهدي الموعود لا يقال: طلوعه من مكة وهي وسط الأرض لأنا نقول اجتماع العساكر الكثيرة على المهدي عليه السلام وتوجهه إلى فتح البلاد إنما يكون من الكوفة وهي شرق الحرمين وكثير من بلاد الإسلام (سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه وآله) الباء في بكم للتعدية والمناهج جمع المنهج وهو الطريق الواضح المستقيم.
(فتداويتم من العمى والصم والبكم) هذه الأمراض الثلاثة من أمهات الأمراض المهلكة فإن عمى البصر عن رؤية آثار الصنع وعمى البصيرة عن إدراك الحق وصمم الأذن المانع عن سماع نداء منادي الحق وبكم اللسان المانع عن التكلم بالأقوال الصالحة مهلكة وظهور الصاحب عليه السلام دواء لها (وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف) أي الاضطراب والتحير في طريق المعاش وفي كنز اللغة: التعسف بر بي آرامى رفتن وذلك النزول البركة لأن الأرض وحاصلها ما له والخلق عياله يعطي كل أحد ما يكفيه ويستقيم حاله (ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق) الفادح الأمر الصعب المثقل فوصف الثقل به للمبالغة فيه (ولا يبعد الله) من رحمته وفضله (إلا من أبى) متابعته وظلم عليه وعلى نفسه (واعتسف) عن طريق الحق ومال عنه (وأخذ ما ليس له) من أمر الولاية وغيره وهذا إما دعاء أو إخبار (وسيعلم الذين ظلموا) على الأوصياء وأخذوا حقوقهم (أي منقلب ينقلبون) فيه وعيد عظيم لهم بأنهم سيعلمون عند الموت وبعده سوء منقلبهم وما يجدون فيه من الويل والندامة والحسرة على ما فرطوا في جنب الله واحتمال أنهم سيعلمون بعده عليه السلام سوء منقلبهم في دولة بني أمية وغيرهم من القتل والذل والصغار بعيد.