لقمع أمراء بني أمية من البلاد، وفيه استعارة تبعية حيث شبه سيرهم في البلاد بالسيل الجاري إلى المنحدر في السرعة والإزدحام والتخريب وعدم احتمال الرجوع واستعار له لفظ الفعل (كسيل الجنتين سيل العرم) المذكور في القرآن الكريم والعرم بفتح العين وكسر الراء فسر بالسد والصب والمطر الشديد والوادي الذي جاء السيل من قبله والجرذ الذكر، وإضافة السيل إليه لأنه نقب السد فجرى السيل فخرب البلدة والجنات التي تحته (حيث بعث عليه فارة) حيث للتعليل وضمير المجرور راجع إلى العرم إن أريد به السد أو إلى السيل بحذف المضاف أي على سده والفأرة معروفة وهي مهموزة وقد يترك همزها تخفيفا (فلم تثبت عليه أكمة) لأنه قلعها لشدته وقوته والأكمة محركة التل من حجارة، أو هي دون الجبال أو الموضع المرتفع مما حوله وهو غليظ صلب لا يبلغ أن يكون حجرا (ولم يرد سننه رض طود) السنن الوجه والطريق والشدة والسير وصب الماء، والرض بالضاد المعجمة الدق والرس بالسين المهملة كما في بعض النسخ الدس والثبوت ومنه الرسيس وهو الشيء الثابت الطود الجبل أو عظيمه وفي اعتبار هذه الأوصاف في المشبه به دلالة على اعتبارها في المشبه وهو كذلك لأن الشيعة وغيرهم بعد اجتماعهم على أبي مسلم ساروا من محلهم إلى أمراء بني أمية وهم مع كثرة عدتهم وشدتهم لم يقدروا على ردهم حتى جرى عليهم قضاء الله تعالى بالاستئصال ولما شبههم بالسيل ووصفهم بما يناسبه فقال (يدغدغهم الله في بطون أودية) أي يحركهم تحريكا شديدا في طرقهم المسلوكة إلى بلاد بني أمية وسماها بطون أودية لمناسبة السيل والجملة حال عن فاعل يسيلون.
(ثم يسلكهم ينابيع في الأرض) الإسلاك إدخال الشيء في الشيء وكذا السلوك إذا كان متعديا يقال: سلك المكان سلكا وسلوكا دخل وسلكه غيره وفيه وأسلكه إياه وفيه وعليه أدخله فيه والظاهر أن في الأرض متعلق به وهي أرض بني أمية وأن ينابيع حال عن ضمير الجمع على تشبيههم بها في جريانهم أو في وصول المدد إليهم من غير انقطاع (يأخذ بهم من قوم حقوق قوم) الجملة حال عن فاعل يسلكهم أي يأخذ الله بسبب هؤلاء المجتمعين لإهلاك بني أمية منهم حقوق قوم مظلومين من سطوتهم سيما الحسين عليه السلام واتباعه رضي الله عنهم (ويمكن بهم قوما في ديار قوم) أي يمكنهم في ديار بني أمية بناء على أن نصب قوما من باب التجريد للمبالغة في كثرتهم حتى أنهم بلغوا فيها حدا يصلح أن ينتزع منهم مثلهم كما قالوا في مثل لقيت بزيد أسدا أو يمكن بهم بني عباس في ديارهم (تشريدا لبني أمية ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا) مفعول له ليمكن أو لقوله سيجمع هؤلاء، وما عطف عليه على سبيل التنازع ولعل المراد أن غاية هذه الأفعال أمران: أحدهما تشريد بني أمية، والثاني أن لا يغصب هؤلاء ما غصب بني أمية من حق آل