الوسطى هي الجادة عليها ما في الكتاب وآثار النبوة; هلك من ادعى وخاب من افترى إن الله أدب هذه الأمة بالسيف والسوط وليس لأحد عند الإمام فيهما هوادة فاستقروا في بيوتكم وأصلحوا ذات بينكم والتوبة من ورائكم، من أبدى صفحته للحق هلك.
* الشرح:
(خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام) مشتملة على التخويف بذكر أحوال الجبارين وتنكيلهم وعلى شدة ابتلاء الناس وذم الخلفاء الثلاثة وبيان أقسام الناس وغير ذلك (الحمد لله الذي علا فاستعلى) أي على كل شيء علوا عقليا بالرتبة والشرف والعلية فاستعلى أن يكون شيء فوقه أو أن يدرك كنه ذاته عقول العارفين (ودنى فتعالى) أي قرب من كل شيء قربا معنويا فتعالى عن المشابهة بالمخلوقين أو عن التحيز بحيز بل قربه بالعلم المحيط بكل شيء والتفريع يشعر بأن الدنو المطلق سبب لتعاليه عما ذكره لاستحالة أن يكون المشابه بالخلق والمفتقر إلى مكان قريبا من كل شيء في آن واحد (وارتفع فوق كل منظر) المنظر إما مصدر بمعنى النظر أو ما ينظر إليه يعني أنه ارتفع من جهة ذاته وصفاته وهو فوق النظر الحسي والعقلي أو فوق ما ينظر إليه الحس والعقل لأن مدركهما وهو الصورة المحسوسة والمعقولة من الأمور الممكنة أو فوق كل سبب والسبب منظر مجازا لأن المسبب ينظر إليه والله أعلم.
(أما بعد: أيها الناس فإن البغي يقود أصحابه إلى النار) البغي الظلم والتجاوز عن الحد والخروج عن طاعة الإمام العادل (وإن أول من بغي على الله عز وجل عناق بنت آدم) في معارج النبوة وهي أول من بني الفسق والفجور من النساء، وعوج بن عناق اسم أبيه سيخان واشتهر نسبته إلى أمه ولم ينج من الطوفان إلا عوج لطول قامته (وأول قتيل قتله الله عناق) لفجورها المعروف من الفاسقات أو لبغيها على المؤمنين والمؤمنات وفيه وعيد الباغي بتعجيل عقوبته مع ما عليه في الآخرة (وكان مجلسها جريبا [من الأرض] في جريب) في المغرب الجريب بالفتح ستون ذراعا في ستين (وكان لها عشرون أصبعا) الظاهر أن هذه الأصابع ليديها لا لمجموع يديها ورجليها كما هو المعروف من نوع الإنسان وإن كان محتملا، وفي معارج النبوة: كان طول كل أصبع ثلاثة أذرع وعرضه ذراعين بذراع أزيد من ذراع عامة الخلائق بقبضة والقبضة أربع أصابع (في كل أصبع ظفران مثل المنجلين) أحدهما في الظاهر والآخر في الباطن أو كلاهما في الظاهر أحدهما فوق الآخر والمنجل بالكسر حديدة يحصد بها الزرع وقوله «من الأرض» ليس في بعض النسخ (ونسرا مثل البغل) في القاموس: النسر طاير لأنه ينتسر الشيء ويقتلعه، وقيل، طائر معروف له قوة في الصيد لا مخلب له وإنما له ظفر كظفر الدجاجة (وقد قتل الله الجبابرة) الذين جبروا الخلائق على