ونصب الإمام حتى يحلل ما يشاء ويحرم ما يشاء ويختار من يشاء (ولو لم تتخاذلوا عن مر الحق..
اه) أي لو لم تتدابروا عنه وصبرتم عليه واتفقتم على توهين الباطل وإزهاقه لم يغلب عليكم أهل الباطل ولم يقدروا على هضم طاعة امامكم وإزوائها وإبعادها وغصبها منه (لكن تهتم وتحيرتم) عن أمركم وضللتم بعد نبيكم (كما تاهت بنو إسرائيل) وتحيروا على عهد موسى عليه السلام وتدابروا عن خليفته هارون عليه السلام وعبدوا العجل وفيه توبيخ للشيعة عن تفرقهم عن الحق ونصرته مع علمهم به بعد اجتماع أرباب الضلالة على باطلهم وقد وقع ذلك في عهده عليه السلام وبعده ثم أشار إلى أن الضلالة في هذه الأمة أكثر من ضلالة بني إسرائيل بقوله (ولعمري) حلف ببقائه وحياته لترويج مضمون الخبر وتحقيق ثبوته.
(ليضاعفن عليكم التيه) أي الضلالة والحيرة والفتنة (من بعدي أضعاف تاهت بنوا إسرائيل) أخبر عليه السلام بما يقع بعده وقد وقع فإن الشيعة وغيرهم صاروا فرقا متكثرة ومذكورة بتفصيلها وتفصيل مذاهبها وعقايدها في الكتب المعتبرة ثم أشار إلى أن لهم بعد بلية بني أمية بلية أخرى بقوله (ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدة سلطان بني أمية) أي مدة سلطنتهم وقدرتهم وهي إحدى وتسعون سنة (لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة) وهو السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أول خلفاء بني عباس ومدة سلطنتهم خمسمائة وثلاثة وعشرون سنة وشهران وثلاثة وعشرون يوما (وأحييتم الباطل) بترويجه وتقويته وتشهيره وفي بعض النسخ وأجبتم من الإجابة (وخلفتم الحق وراء ظهوركم) أريد بالحق الإمام المنصوب من قبله تعالى أو دينه أيضا (وقطعتم الأدنى من أهل بدر ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول الله (صلى الله عليه وآله)) الظاهر أن من بيان للأدنى والأبعد أو حال عنهما وأن المراد بالأدنى ذاته المقدسة وبالأبعد عمه العباس لأنه عليه السلام أقرب إلى الرسول من حيث الإيمان به والنصرة له في المواطن كلها خصوصا في بدر من عباس وهو من أبناء الحرب للرسول وقد أسر فيه والمعنى قطعتموني وتركتم الأئمة من ذريتي ووصلتموه وأقررتم بخلافة أولاده الفسقة.
و «أبناء الحرب» من باب الاستعارة يظهر وجهها بما ذكرنا سابقا في أبناء الدنيا والله أعلم (ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم) بما أوقده هلاكو من نار الحرب عليهم وقد أخبر به عليه السلام في موضع آخر (لدنا التمحيص للجزاء) أي لقرب ابتلاء هؤلاء بغيرهم من أرباب الملل الباطلة كلهم لجزائهم بما كانوا يعملون (وقرب الوعد) بظهور المهدي عليه السلام (وانقضت المدة) المقررة لغيبته يعني أكثرها أو بعضها أخبر (عليه السلام) بأنه لابد من وقوع هذه الأمور قبل ظهور ولده الطيب الهادي عليه السلام ثم أخبر بقرب زمان ظهوره بناء على أن كل ما هو آت فهو قريب ولم