وأسباب محكمات) الظرف متعلق بآخذ أو حال عن فاعله يعني يفزع في المعضلات إلى نفسه ويعول في المبهمات على رأيه ويتمسك بما تذهب إليه نفسه من الآراء كأنها عنده عرى وثيقة لا يضل من تمسك بها ونصوص جلية لا اشتباه فيها ولفظ العرى مستعار (فلا يزالون بجور) أي بميل قلوبهم (ولن يزدادوا إلا خطأ) لأن النفس الأمارة إذا كانت إماما كان الإمام والمأموم دائما في الجور والظلم والخطأ في الحكم لظهور أن هذا الإمام شأنه ذلك والمأموم لا محالة تابع له (ولا ينالون تقربا) لأن نيل التقرب إنما هو بالتشبث بذيل الإمام العادل والميل إلى الخيرات والعمل بها والاجتناب عن المنهيات والفعل منها وهم معزولون عن جميع ذلك (ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عز وجل) لأن الميل عن الحق يوجب بعدا والرجوع إلى خلافه والاعتقاد به وسرعة السير فيه والاستمرار عليه يوجب زيادة البعد وقوله: من الله عز وجل، متعلق بالتقرب والبعد على سبيل التنازع (أنس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض) لتحقق الرابطة والاتحاد في الجنسية والتوافق في الطريق ولا أنس لهم بالله وبرسوله ولا بالوصي ولا تصديق لهم بهم لانتفاء الرابطة (كل ذلك وحشة.. اه) الوحشة ضد الأنس وحملها على ذلك من باب حمل المسبب على السبب وكذا حمل النفور (أهل حسرات) لباطل صنعوه وحق تركوه وفي بعض النسخ: «أهل خسران» من الخسارة (وكهوف شبهات) الكهف الملجأ يعني لا يتوقفون فيما أشتبه عليهم أمره ولا يبحثون عن وجه الحق ولا يرجعون إلى أهل العلم بل يفتون بما قادهم إليه الهوى ويعملون به وفي بعض النسخ: «وكفروا شبهات».
(وأهل عشوات وضلالة وريبة) العشوة بالفتح الظلمة وبالتثليث الأمر الملتبس وركوب أمر بجهل من غير بيان ومعرفة بوجهه وضلالة الإنسان خروجه عن طريق الحق وضلالة العمل بطلانه، والريبة بالكسر الشك والتهمة والشبهة والظنة (من وكله الله إلى نفسه ورأيه) بعدم منعه عن مقتضيات نفسه واستعمال رأيه أو بسلب اللطف والتوفيق عنه لإبطاله استعداده الفطري (فهو مأمون عند من يجهله، غير المتهم) بالخيانة والفساد (عند من لا يعرفه) ضمير المفعول في الفعلين راجع إلى الموصول الأول فيفيد أن العالم بحاله يعلم وجوه اختلاله ورجوعه إلى الله محتمل لأن من عرف الله علم أن ذلك الرجل متهم في الدين غير مأمون فيه لعلمه بوجوب الرجوع إلى من نصبه الله تعالى لإقامة دينه وإجراء أحكامه وأنه المأمون دون غيره (فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها) وجه التشبيه هو الحيرة والهلاك وعدم الاهتداء إلى المصالح الكلية والجزئية والوجه فيهم آكد لأن الأنعام بلا راع قد لا تهلك وهم قد هلكوا بدواعي النفس الأمارة وإغواء الشيطان الذي لا يغفل عنه طرفة عين (ووا أسفا من فعلات شيعتي) ألحق الأسف بذاته