في بعض النسخ توبة بالتاء والباء وليس لها في ظني معنى محصل وفي بعضها ثوية بالثاء المثلثة والياء المثناة من تحت وفي بعضها ثوبة بالثاء المثلثة والباء الموحدة وفي بعضها «نوبة» بالنون والباء الموحدة وكان المعنى على هذه النسخ أنه ليس له مقام ونوبة من أمر الخلافة الأعلى فرض محال وهو بعث نبي بعد نبينا صلى الله عليه وآله والموقوف على المحال محال، والفاضل الأمين الأسترآبادي نقل الثانية والثالثة لا غير وقال: لم أجدهما مناسبا للمقام وصوابه ومن لبس ثوبه ومعناه من لبس ثوب الإمامة ممن سبقني «أشرف منه على شفا جرف هار» انتهى وأنت خبير بأن العبارة آبية عنه والله أعلم.
ولما كان هنا مظنة السؤال وهو أنه ما حال مآله أجاب عنه على سبيل الإستيناف بقوله (الله شرف منه) أي من أجل هذا الأمر (على شفا جرف هار فإنهار به في نار جهنم) شفا جرف ظرفه وجرف واد شقه السيل ومكان هار ضعيف رخو يتساقط بعضه على بعض وأصله هاير نقلت الهمزة إلى بعد الراء كما قالوا في شايك السلاح شاكي السلاح ثم عمل به ما عمل بالمنقوص نحو قاض وداع، والانهيار السقوط وفيه تشبيه معقول بمحسوس للتنبيه على أن ما هو عليه في صدد الوقوع في النار ساعة فساعة ثم مصيره إليها لا محالة (حق وباطل) لما ذكر أن ههنا طريقين مسلوكين طريق التقوى وطريق الخطاء ذكر بعده أنهما حق وباطل كأنه قال: وهما حق وهو التقوى وباطل وهو الخطأ (ولكل أهل) أي ولكل من الحق والباطل قوم أعد لهم القدرة الأزلية والعلوم الإلهية لسلوكهما ثم أردف ذلك بما يشبه الاعتذار لنفسه ولأهل الحق في قلته وذم أهل الباطل على كثرته وهو قوله (فلئن أمر الباطل) أي كثر يقال: أمر كفرح أمرا وأمرة إذا كثر وتم (لقديما ما فعل) والمراد أن كثرة الباطل في هذا الوقت ليست بديعة حتى أجهد نفسي وأجهدتم أنفسكم في الإنكار على أهله.
(ولئن قل الحق فلربما ولعل) نبه على أن الحق وإن قل فربما يعود كثيرا وفي هذه العبارة الوجيزة إخبار بقلة الحق ووعد بقوته مع نوع تشكيك في ذلك وتمني لكثرته (ولقلما ما أدبر شيء فأقبل) استبعاد لرجوع الحق إلى الكثرة والقوة بعد الضعف والقلة على وجه كلي فإن إدبار نور الحق يوجب إقبال ظلمة الباطل وظاهر أن عود الحق وإضاءة نوره بعد إدباره وإقبال ظلمة الباطل أمر بعيد في عادة هذا الخلق ولعله يعود بقوة فتستضيء قلوب المستعدين بأنواره وما كان ذلك على الله بعزيز وفي ذلك تنبيه على لزوم الحق كيلا يضمحل بتخاذلهم عنه فلا يمكنهم تداركه (ولئن رد عليكم أمركم) أي الحق الذي كنتم عليه في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وصلاح أحوالكم واستقامة سيرتكم التي كانت لكم في زمانه (أنكم سعداء) عند الله في الدنيا والآخرة (وما علي إلا الجهد) في