المقدسة وهو الحزن الشديد بسبب ما شاهده بعلم اليقين من الأحوال المنكرة اللاحقة بالشيعة بعده عليه السلام في دولة بني أمية وبني عباس من استذلال بعضهم بعضا وقتل بعضهم بعضا بالمباشرة والتسبب وخروجهم على هؤلاء الكفرة بلا راع مفترض الطاعة وهلاكهم بأيدهيم وغير ذلك من المكاره الواردة عليهم (المتشتة غدا عن الأصل) أريد بالأصل الإمام المفترض الطاعة وبالغد زمان بعده عليه السلام والمتشتة وصف للشيعة وبيان لتفرقهم بفرق مختلفة (النازلة بالفرع) إشارة إلى جماعة منهم خرجوا على هؤلاء الكفرة مع جماعة من العلويين والهاشميين وغيرهم، والمراد بالفرع خلاف الأصل وهو الرعية كزيد وأضرابه (المؤملة الفتح من غير جهته) وصف ثالث للشيعة وإشارة إلى خطائهم في توقيع الفتح بأيديهم لأن الفتح إنما يكون بيد الصاحب عليه السلام (كل حزب منهم أخذ منه بغصن) إشارة إلى تحزبهم بأحزاب مختلفة وأخذ كل حزب لنفسه إماما كما هو المشهور ولفظ «منه» موجود في أكثر النسخ والضمير راجع إلى الفرع.
(أينما مال الغصن مال معه) تشبيه تمثيلي لقصد الإيضاح والوجه في المشبه به حسي وفي المشبه عقلي أو مركب منه ومن حسي وهذا من أحسن التشبيهات في إفادة لزوم المتابعة إذ كما أن حركة الورق إلى جهات حركة الغصن بتحريك الريح أو غيره تابعة لازمة غير منفكة كذلك حركة كل حزب إلى جهات حركة إمامه في الأمور العقلية والعملية وبعد الإشارة إجمالا إلى صولة بني أمية وشوكتهم وأن الخارج عليهم مغلوب مقهور أشار إلى زوال ملكهم وتبدد نظامهم بخروج أبي مسلم مع أهل خراسان ومرو، وساير الأعاجم عليهم بقوله (مع أن الله وله الحمد سيجمع هؤلاء) أي الشيعة بالمعنى الأعم أو الأعم منهم ومن غيرهم «وله الحمد» معترضة لثنائه تعالى على ذلك (لشر يوم لبني أمية) وهو يوم زوال دولتهم ونزول نكبتهم (كما يجمع قزع الخريف) القزع محركة قطع السحاب المتفرقة وإنما خص الخريف لأنه أول الشتاء والسحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك (يؤلف الله بينهم) فيتوافق قلوبهم على أمر واحد (ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب) الركام الرمل المتراكم بعضه فوق بعض وكذلك السحاب المتراكم وما أشبه من الركم وهو جمع شيء فوق آخر حتى يصير ركاما.
(ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستشارهم) في بعض النسخ «من مستثارهم» بالثاء المثلثة استعار الأبواب للطرق ورشح بذكر الفتح مع ما فيه من الإيماء إلى أن حدود ملك بني أمية كأنها كان عليها سور لشدة قوتهم من منع دخول العدو فيه وأريد المستشار موضع شورهم وهو عرض كل واحد ما في ضميره على غيره ليتفقوا على أمر واحد هو أحسن وأوفق لهم، وقال الفاضل الأمين الأسترآبادي: أريد أن الشيعة بعد اجتماعهم على أبي مسلم يتفرقون إلى البلاد من محل ثورانهم