والعاقبة آخر كل شيء (والله مخلدون) أي والله أنتم مخلدون فيها على حذف المبتدأ (ولله عاقبة الأمور) أي الأمور الخيرية يؤتيها من يشاء بفضله ويمنعها من يشاء بعدله والمراد أن له عاقبة أمور كل أحد إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
ثم تعجب عليه السلام من حال الأمة وأردفه ما هو سبب له ونادى العجب منكرا ليحضر له فقال: (فيا عجبا) أقبل فهذا أو أن إقبالك ويحتمل أن يكون نصبه على المصدر بحذف المنادى أن يا قوم عجبت عجبا.
(ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق) الاستفهام للتعجب من عدم التعجب مع حصول أسبابه وقوتها وهي ترك هذه الفرق ما ينبغي فعله وفعلهم ما ينبغي تركه كما يظهر مما يذكره (على اختلاف حججها في دينها) أي على اختلاف قصورها أو ترددها أو سننها وطرقها أو دلايلها في أصول دينها وفروعه وقوله: «في دينها» متعلق بالخطأ أو بالاختلاف أو بهما على سبيل التنازع وإنما سميت مفتريات أوهامهم ومخترعات أوهامهم حججا على سبيل التهكم (لا يقتصون أثر نبي) في بعض النسخ: «لا يقتفون» وهو تفصيل لخطايا هذه الفرق والمذام التي كان اجتماعهم فيهم سببا لتعجبه منهم (ولا يقتدون بعمل وصي) أراد به نفسه قطعا لعذرهم فإن الاختلاف في الدين قد تعرض عن ضرورة وهي عدم وجود الهادي بينهم فأما إذا كان موجودا هو هو عليه السلام لا عذر لهم على الاختلاف ولا يجوز لهم القيام عليه (ولا يؤمنون بغيب) أي بالله وصفاته واليوم الآخر وأهواله وثوابه وعقابه وحسابه أو بما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله) من عند الله تعالى وهو المروي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: (الذين يؤمنون بالغيب) أو بما هو غائب عن حواسهم مما يعلم بالدليل هذا كله إن جعل قوله «بغيب» صلة ليؤمنون ويحتمل أن يكون حالا عن ضمير الجمع أي لا يؤمنون متلبسين بغيب يعني في حال الغيبة والخفاء كما هو شأن المنافقين (ولا يعفون عن عيب) أي عن زلات أخيهم أو عن عيوبه فيكون إشارة إلى الغيبة وهي فجور وعبور إلى طرف الإفراط من العفة.
(المعروف فيهم ما عرفوا والمنكر عندهم ما أنكروا) أي المعروف والمنكر تابعان لإرادتهم وميل طبعهم فما أنكرته طباعهم هو المنكر بينهم وإن كان معروفا في الشريعة وما أرادته طباعهم ومالت إليه كان هو المعروف بينهم وإن كان منكرا في الدين والواجب أن تكون إرادتهم تابعة للقوانين الشرعية في اتباع ما كان فيها معروفا وترك ما كان فيها منكرا (وكل امرئ منهم إمام نفسه آخذ منها فيما يرى) دل الأول على أنه أمام لنفسه والثاني على أن نفسه إمام له ولا ضير فيه لأنه هو نفسه ونفسه هو فهو من حيث أنه آخذ مأموم ومن حيث أنه مأخوذ منه إمام (بعرى وثيقات