وحذف الموصول في المعطوف يؤيد الثاني والله أعلم (معتبر) أي في دون ذلك اعتبار لمن اعتبر فكيف فيه فإنكم من ذلك الاعتبار تعلمون أنه يجب عليكم بعده الاتحاد في الدين والتعاون والتناصر ومقاساة مرارة الصبر والرجوع إلى أعلمكم بالفروع والأصول وبجميع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله والاجتماع عليه وعدم التفرق عنه بالرأي ليرد عليكم نصر الله ورحمته ويتم لكم دين الله ونعمته ثم حثهم على الاعتبار لئلا يعدوا ناقصين في العقل والسمع والبصر بقوله (وما كل ذي قلب بلبيب) أي عاقل كامل خالص ينتفع بعقله فيما خلق لأجله بل عقل الأكثر تابع للوهم والخيال والنفس الأمارة التابعة للشيطان المايلة إلى شهوات الدنيا والعصيان (ولا كل ذي سمع بسميع ولا كل ذي ناظر عين ببصير) إذ السميع والبصير من استعمل سمعه في المسموعات وبصره في المبصرات وعمل بهما واستفاد العبرة منهما وأصلح حاله في أمر المعاد واجتنب عما يوجب الفساد.
(عباد الله أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه) أي يهمكم ومن حسن إسلام المرء ترك النظر فيما لا يعنيه ولا يهمه وفيه حث على النظر فيما ينفع في الآخرة ومنه الاعتبار واحتمال قراءة يعينكم من الإعانة بعيد (ثم انظروا إلى عرصات من قد أقاده الله بعلمه) العرصات جمع العرصة وهي كل موضع واسع لا بناء فيه ولعل المراد بها دورهم الخربة وأراضيهم الميتة والاقادة من القود وهو محركة القصاص وإنما سمي إهلاكه قصاصا لأنه أمات دين الله تعالى فاستحق بذلك القصاص وقيل من القود نقيض السوق أي جعله الله قايدا لمن تبعه وقوله «بعلمه» بالعين المهملة في أكثر النسخ وبالمعجمة في بعضها وهو الشهوة ولعل المراد بها شهوة الدنيا وفي بعضها بعمله بتقديم الميم على اللام (كانوا على سنة من آل فرعون) جمع الضمير هنا باعتبار المعنى وإفراده في السابق باعتبار اللفظ والسنة الطريقة والسيرة.
(أهل جنات وعيون وزروع ومقام كريم) أي محافل مزينة ومنازل حسنة والظاهر أنه خبر بعد خبر لكانوا مع احتمال أن يكون بيانا للسنة (ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والأمر والنهي) أي بعد جريان أمرهم ونهيهم على الناس أو بعد أمر الله لهم بالطاعات ونهيهم عن المنهيات وعدم قبولهم ولفظة «ثم» هنا لمجرد التفاوت في الرتبة لأن العذاب الأخروي أقوى وأشد من العذاب الدنيوي وفيها دلالة على الفخامة والفظاعة.
والنضرة النعمة والعيش الطيب وحسن الحال، والسرور الفرح اللازم لها وفي كل ذلك تحريك على الاعتبار لمن له قلب معتبر وعقل متفكر (ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان) أي ولمن صبر منكم على الثبات في الدين وأذى الفاسقين وتحمل التكليفات الشرعية حسن العاقبة في الجنان