نفي المثل على سبيل الكناية لأن نفي مثل مثله بعد العلم بوجوده تعالى مستلزم لنفي مثله والكناية أبلغ من التصريح (وأنا الحي الدائم الذي لا أزول) أي الفعال المدرك بنفسه لا بحياة قائمة به بها يدرك ويفعل في وصف الدوام بعدم الزوال والفناء دفع لتوهم حمله على مجازه وهو الزمان الكثير وهو حث على الطاعة والانقياد له لأن المطيع إذا علم أنه أبدى لا يخاف فوات مقصوده من الطاعة أبدا وهو مدرك إليها (يا موسى إذا دعوتني خايفا مشفقا وجلا) لعل الخوف بملاحظة عظمته وغناه عن الخلق والإشفاق بملاحظة التقصير في الدعاء والثناء ورعاية حقوقه والوجل من صد النفس الأمارة سبيله وقطع نفثات الشيطان طريقه أو من رد الدعاء لعدم كونه على الوجه اللايق به كما روي عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه كان في التلبية وهو على راحلته فخر مغشيا فلما أفاق عليه السلام قيل له ذلك فقال: خشيت أن يقول لي: لا لبيك ولا سعديك. والتأكيد محتمل (عفر وجهك لي في التراب) العفر محركة ظاهر التراب ويسكن وعفره في التراب يعفره وعفره فانعفر وتعفر مرغه فيه أو دسه أو ضرب به الأرض وأكثر جزاء الشرط يتحقق بعده ويترتب عليه وقد يتحقق في حال تحققه ومعه كقولك: إذا جئتني فالبس ثيابك واركب فرسك، والظاهر هنا هو الثاني مع احتمال الأول (واسجد لي مكارم بدنك) هذا أعم من السابق لأنه يشمل غير الوجه أيضا وفيهما غاية التذلل ونهاية الخضوع والخشوع له تعالى «واقنت بين يدي في القيام» ذكر اليدين من باب التمثيل والقنوت قد مر تفسيره سابقا (وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل» لا يتحقق ذلك إلا بحضور القلب وتوجهه إلى معرفته ومعرفة من يناجيه والظاهر أن الباء للمصاحبة أي مع خشيته أو الظرف حال من الفاعل أي متلبسا بها (وأحي بتوراتي أيام الحياة) أي بتلاوتها وإجراء أحكامها والعمل بما فيها والأيام مفعول الإحياء مجازا أو ظرف له والمفعول محذوف وهو قلبك (وعلم الجهال محامدي) هي ما يستحق أن يحمد ويثني عليه من الفضائل وهي الصفات الذاتية وأما الفواضل الواصلة إلى الغير فأشار إليها بقوله: (وذكرهم آلائي ونعمتي) العطف للتفسير أو المراد بالأولى النعماء الباطنة وبالثانية النعماء الظاهرة والغرض من التعليم والتذكرة المعرفة والقيام بوظايف الحمد والشكر ووجه تخصيص التعليم بالمحامد والتذكير بالآلاء أن المحامد يعني الصفات الذاتية إنما تعلم بالشرع وأما الآلاء فقد تعرف بالعقل والشرع مذكر (وقل لهم لا يتمادون في غي ما هم فيه) نهي في صورة الخبر وما هم فيه من المعصية وهي مستلزمة للغي والضلالة وسبب له فالإضافة وسبب له فالإضافة لامية كإضافة المسبب إلى السبب (فإن أخذي أليم شديد) وعيد للمذنبين المصرين وتحريك لهم إلى الإنابة والرجوع (يا موسى إن انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري) استعار الحبل لما يوجب القرب منه والوصول إليه والوجه أنه سبب لنجاة المتمسك به من وهدة الهوى إلى الدرجات العلى كالحبل ورشح بذكر الانقطاع وأشار
(٣٤٧)