لنسبة الفعلين ففيه على الأول تنبيه على أن ثمرة الفعلين هي الضلالة والخروج عن الدين والجهالة في أحكامه وتبديلها وتغييرها وعلى الثاني على أن المتحقق من الفعلين فيهما هو هذا الفرد أعني ركوب الضلالة والجهالة دون الآخر أعني ركوب الحق والعلم (فلبئس ما عليه وردا) في الدنيا من الجهالة والضلال.
(ولبئس ما لأنفسهما مهدا) في الآخرة من العقوبة والنكال وفي الذم العام دلالة على غاية فخامة ذلك ونهاية فظاعته بحيث لا يصل إليه عقول البشر ولا يحوم حوله طائر النظر.
(يتلاعنان في دورهما) وهي القبور وفي دار الآخرة أو جهنم أو الجميع.
(ويتبرأ كل واحد منهما من صاحبه) لشدة الغيظ منه بتحصيل الأسباب لإضلاله وتكميل البواعث لخسرانه ونكاله.
(يقول لقرينه) الذي كان يضله ويغويه دائما والقرين المقارن والمصاحب والشيطان المقرون للإنسان الذي لا يفارقه وقد كان صاحبه شيطانا له.
(إذا التقيا يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين) أي بعد المشرق من المغرب غلب المشرق وثني وأضيف البعد إليهما أو بعد مشرقي رجوع الشمس وهما طرفا طول الأيام وقصرها، (فبئس القرين) أنت إذ أصابني ما أصابني بإغوائك وإضلالك.
(فيجيبه الأشقى على رثوثة) أي حال كونه على قبح منظر وسوء حال ورثاثة هيئة لتغير صورته وتكسر جثته بألم النار وشدة الغم في دار البوار.
(يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جاءني) وتمكنت من الاقتداء به هذا كلامه عند اللقاء كما صرح به (عليه السلام) وأما عند مفارقته وزوال الاقتراب وتألمه بشدة العقوبة والعذاب وكمال غيظه عن صاحبه اللئيم فيقول ما ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم من باب الغيبة وهو قوله تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان - يعني قرينه المضل له - للإنسان خذولا) يؤذيه بالوسوسة والاغواء والاضلال إلى الهلاك والعقوبة والنكال ثم يتركه ويخذله ولا ينفعه والخذول فعول الخذلان.
(فأنا الذكر الذي عنه ضل) بعد إذ جاءه وتمكن من الاقتداء به.
(والسبيل الذي عنه ضل) وتمنى الأخذ به حيث لا ينفعه التمني في قوله (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا).
(والإيمان الذي به كفر) في قوله تعالى: (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين) وهو (عليه السلام) إيمان لأن الإيمان إنما يتحقق بالإقرار بولايته (والقرآن الذي إياه هجر) في