من راحة) من الآلام والشدائد.
(ولا عن عذابهما من مندوحة) أي سعة وفسحة من النجاة عنه يقال: إنه لفي مندوحة من كذا أي في سعة منه ثم أشار إلى ما كان القوم عليه من الشرك وآثار الجاهلية وما أنعم الله عليهم بإرسال الرسول وإخراجهم عنها وكفرانهم بتلك النعمة الجليلة ورجوعهم إلى الجاهلية الأولى بقوله:
(إن القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان) أي خدمتها جمع سادن وهو الخادم المتولي لأمور الغير.
(يقيمون لها المناسك) هي جمع المنسك بفتح السين وكسرها وهو المذبح والنسيكة الذبيحة وجمعها نسك والمتعبد ويقع على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك ثم اتسعت وسميت الطاعات والعبادات كلها مناسك وبه صرح الزمخشري في الفائق وبالجملة كلما يتقرب به العبد إلى الله تعالى يسمى مناسك وهم ظلموا أنفسهم فوضعوها في غير موضعها.
(وينصبون لها العتائر) أي الذبايح جمع العتيرة وهي الذبيحة التي كانوا في الجاهلية يذبحونها للأصنام ويصبون دمها على رؤوسها.
ويتخذون لها القربان) للتقرب منها (ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة والحام) كما قال الله تعالى ردا وإنكارا لما أبدعوه في الجاهلية و: (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) أما البحيرة وهي من البحر وهو الشق وفي تفسير القاضي: إن أهل الجاهلية إذا انتجب الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنها أي شقوها وخلوا سبيلها فلا تركب ولا تحلب وسموها البحيرة وفي النهاية: إن إبلهم إذا ولدت خمسا بحروا أذنه، وقالوا: اللهم إن عاش فقسى وإن مات فذكى فإذا مات أكلوه وسموه البحيرة، وفي القاموس: إنهم كانوا إذا أنتجت الناقة عشرة أبطن بحروها وتركوها ترعى وحرموا لحمها إذا ماتت على نسائهم وأكلها الرجال وسموها البحيرة أو هي التي خليت بلا راع أو التي إذا نتجت خمسة أبطن والخامس ذكر نحروه فأكله الرجال والأنثى وإن كان أنثى بحروا أذنها فكان حراما عليهم لحمها ولبنها وركوبها فإذا ماتت حلت للنساء أو هي في النساء خاصة إذا نتجت خمسة أبطن بحرت وهي العزيزة أيضا وفي الأخيرين قيل: البحيرة بنت السائبة وحكمها حكم أمها وأما السائبة ففي الأول أن الرجل منهم كان يقول إن شفيت فناقتي سائبة ويجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها، وفي الثاني: كان الرجل منهم إذا جاء من سفر أو برأ من مرض أو غير ذلك قال ناقتي سائبة فلا تمنع من ماء ولا مرعى ولا تحلب ولا تركب.
وقيل: البحيرة بنت السائبة كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف وتركوها مسيبة لسبيلها وسموها السائبة فما ولدت بعد ذلك من أنثى شقوا أذنها وخلو سبيلها وحرم منها ما حرم من أمها وسموها البحيرة وفي الأخيرة السائبة المهملة