الله (صلى الله عليه وآله) ويذكر حليته وصفته عندهم (ليعرفوه بصفته) التي وصفه بها بينهم (وليتبعوه على شريعته) القويمة وطريقته المستقيمة التي منها الولاية لأوصيائه.
(ولئلا يضلوا فيه من بعد) أي في رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعد ظهوره، فالضميران راجعان إليه ولو رجع الأول إليه والثاني إلى النبي المخبر بصفته لزم تفكيك الضمير (فيكون من هلك) بإنكاره (وضل) بإنكار شيء مما جاء به كالولاية مثلا (بعد وقوع الإعذار والإنذار) من مخالفته وترك شريعته والإعذار بالكسر مصدر يقال: أعذر الله إليه إذا لم يبق منه موضعا للاعتذار فالهمزة للسلب.
(عن بينة وتعيين حجة) خبر يكون أي هلك عن بينة واضحة وحجة ظاهرة حتى لا يمكن له أن يقول يوم القيامة: إني كنت عن هذا من الغافلين ولذلك بعث الله تعالى رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.
(فكانت الأمم) الماضية (في رجاء من الرسل) أي من مجيء بعضهم عقب بعض آخر.
(وورود من الأنبياء) بعد من مضى منهم.
(ولئن أصيبت بفقد نبي بعد نبي على عظم مصائبهم وفجائعها بهم) العظم بضم العين وسكون الظاء أو بكسر العين وفتح الظاء، والفجايع جمع الفجيعة وهي الرزية (فقد كانت على سعة من الأمل) لعدم انقطاع الوحي وخبر السماء وورود الرسل.
(ولا مصيبة عظمت ولا رزية جلت كالمصيبة برسول الله (صلى الله عليه وآله).. إلى آخره) أشار إلى أن الناس ما أصيبوا بمصيبة أعظم منها إذا انقطع بموته النبوة وأنباء الأسرار وأخبار السماء لكونه خاتم الأنبياء فلا يصاب الناس بمثل تلك المصيبة أبدا فهي مسلية لهم عن المصيبة بمن سواه وما يسكن قلوب الناس عن هذه المصيبة العظيمة في الجملة هو التوسل بذيل من أقامه مقامه كما أشار إليه بعد هذا.
(وجعله بابه الذي بينه وبين عباده) لأنه (صلى الله عليه وآله) باب جنته وعلمه وحكمته وأسراره وتوحيده وشريعته ورحمته ومن أراد أن يصل إلى الله وجب عليه أن يتوسل إليه ويتمسك به ولفظ الباب مستعار (ومهيمنه الذي لا يقبل إلا به) أي رقيبه وشاهده على عباده في أقوالهم وأعمالهم وعقائدهم (ولا قربة إليه إلا بطاعته) أي لا قربة لأحد إلى الله تعالى ولا وسيلة يتوسل بها إليه إلا بطاعته فيما أمر به ونهى عنه وأعظم ما جاء به هو نصب خليفة له. لئلا يضل أمته بعده فمن أنكر خليفته لم يطعه (ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا) أي من تولى وأعرض عن طاعة الله أو عن طاعتك فما أرسلناك عليهم حفيظا تحفظهم عن التولي والإعراض جبرا وإنما عليك البلاغ فكأن ذلك دليلا على ما فوض الله إليه أي رد عليه أمر العباد وجعله الحاكم فيه فوجب عليهم الطاعة له والتسليم لأمره ونهيه والانقياد له في جميع ما جاء به من أصول الدين وفروعه ولا يجوز لهم التقول في شيء من ذلك برأيهم وفيه زجر لهم عما ارتكبوا من أمر الخلافة ونحوه من الأمور