ولا مدافع انتهى.
أقول فانظر رحمك الله كيف اعتقد بالحق ثم أنكره من حيث لا يعلم لاتفاق جماعة من المنافقين على عبادة العجل وفي المقام زيادة بسط يطلب في علم الكلام، وقال الآبي: قال عياض:
احتجت بهذا الحديث الإمامية والروافض وسائر فرق الشيعة على أن الإمامة حق لعلي بعده وأنه (صلى الله عليه وآله) استخلفه بهذا اللفظ وشبهه على سائر الأمة بعده ثم اختلفوا فكفر بعضهم ساير الصحابة لتركهم الحق بتقديمهم غيره وكفر بعضهم عليا إذ لم يطلب حقه ومذهب هؤلاء أسخف من أن يرد عليه ولا خفاء في كفر القائلين بهذا لأن من كفر كل الأمة والصدر الأول فقد أبطل ثقل الشريعة وهدم الإسلام وأما غير هؤلاء فلا نكفرهم ثم اختلفوا فالإمامية وبعض المعتزلة يخطيهم وبعض المعتزلة لا يخطيهم لأنه يجوز تقديم المفضول على الفاضل ولا حجة في الحديث لأحد من الفريقين لأنه لم يستخلفه عموما بل على المدينة خاصة عند سفره لتبوك كما استخلف موسى هارون الذي شبه به عند سفره إلى المناجاة بقوله: «اخلفني في قومي» فلما رجع منها رجع هارون إلى حالته الأولى وكذلك علي رضي الله عنه فالمعنى أنت خليفتي على المدينة عند سفري كما كان هارون (عليه السلام) ومعنى «ولا نبي بعدي» أي بعد بعثتي وفي ظني أن ذلك تنبيه على ما اقترفه الرافضة من نبوة علي حتى تجاوز بعضهم إلى أن ادعى أنه الله سبحانه وقد أحرق علي رضي الله عنه بعض من قال ذلك فافتتن بذلك جماعة وقالوا الآن حققنا أنه الله لا يعذب بالنار إلا الله، وما دل عليه الحديث لا يحط من مزلة غيره، انتهى.
أقول: ليس في لفظ الحديث ما يشعر باختصاص استخلافه (عليه السلام) على أهل المدينة فقط ولا على حال حياته فقط ولا على عزله بعد الاستخلاف بل هو نص على عموم الاستخلاف وعدم العزل وكونه (عليه السلام) خليفة له (صلى الله عليه وآله) في سفر تبوك لا يقتضي تخصيص الخلافة العامة المستفادة من الحديث بذلك الوقت بوجه من الوجوه إذ لا منافاة بينهما. وبالجملة خلافته (عليه السلام) مثل خلافة هارون (عليه السلام) ولا تفاوت بينهما إلا في النبوة وكما كان خلافة هارون ثابتة له ما دام حياته من غير توسط عزل من موسى عليه السلام كذلك خلافة علي (عليه السلام) ثابتة له ما دام حياته من غير توسط عزل من النبي (صلى الله عليه وآله) وعدم بقاء خلافة هارون بعد موسى (عليه السلام) لموت هارون قبله لا يقتضي عدم بقاء خلافة علي (عليه السلام) بعد نبينا (عليه السلام) لما عرفت من أن كل واحد منهما كان خليفة في عمره وما ذكره من أن هارون كان خليفة لموسى في حال سفره فقط ولما رجع عزله ورجع هارون إلى حالته الأولى يعني عدم الخلافة كلمة هو قائلها، لأن دعوى اختصاص خلافة هارون بحال السفر وعزله بعد الرجوع من الدعاوي الباطلة لا مستند له بل خلافته كانت ثابتة له ما دام حياته كيف وقد سأل موسى (عليه السلام) ربه طلب خلافته ووزارته في بدء الرسالة لقوله (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي) وقال سبحانه (قد أوتيت