سؤلك يا موسى) (1).
وقوله «ومعنى لا نبي بعدي» أي بعد بعثتي غرضه من هذا التقرير تخصيص خلافة علي (عليه السلام) بكونها في حياة النبي (عليه السلام) وبيان عدم دلالة لا نبي بعدي على ثبوتها بعد وفاته (صلى الله عليه وآله).
أقول: التقدير خلاف الظاهر من غير داع لما عرفت لثبوت عموم الخلافة على أن التقدير لا ينافيه لأنه إذا ثبت في حال الحياة ثبت بعد الوفاة أيضا إذ لم يتحقق العزل اللهم إلا أن يقال: رجوع النبي من السفر عزل لعلي (عليه السلام) عن الخلافة ولا يخفى سخافة هذا القول لأن الرجوع ليس بعزل لا عادة ولا عرفا ولا لغة.
قيل: هذا يوجب أن يكون إماما في حياة النبي والمنقول من السلف خلافه، أجيب بأن الظاهر يقتضي ذلك وفي الأصحاب من قال منزلة الإمامة ثابتة له في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وإنما لم يسم إماما لوجود النبي (صلى الله عليه وآله) مع أن تسميته أمير المؤمنين في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وارد قد نقله كثير من العلماء، وامتناع اجتماع الخليفة والمستخلف في عصر واحد ممنوع ولا دليل عليه لا عقلا ولا نقلا إذا كان أحدهما أصلا والآخر تابعا فإن النبي (صلى الله عليه وآله) كان ينطق بالوحي وعلي (عليه السلام) كان باب مدينة علمه فإن قيل: قد استخلف النبي معاذ بن جبل وابن أم مكتوم وغيرهما ولم يوجب ذلك لهم إمامة فكذا علي (عليه السلام).
قلنا: نحن لا نثبت إمامته بمجرد استخلافه وجعله نايبا بل بالحديث المذكور ولم يرد مثل ذلك في شأنهم على أن الإجماع من الأمة على أن هؤلاء لا حظ لهم بعد الرسول في الإمامة فارق.
فإن قيل هذا: الاستخلاف كان مختصا بالمدينة فقط لا يقتضي ذلك الرئاسة العامة التي هي الإمامة. قلت: الحديث لا يدل على ذلك الاختصاص أصلا كما أشرنا إليه وعلى تقدير التسليم إذا ثبت له الخلافة وفرض الطاعة بالنص في بعض الأمة بعده ثبت له ذلك في جميعهم إذ لا قائل بالفصل فكان الإجماع مانعا من هذا القول.
قيل: دلالة الحديث على أن له منازل هارون كلها لا يدل على نفي إمامة الثلاثة قبله لأن لفظ بعدي يحتمل البعدية بلا فصل وبفصل فمن جعله إماما بعد عثمان فقد عمل بموجب الخبر، أجيب بأنه من حيث وضع اللغة محتملة لأمرين لكن صار المفهوم منه بحسب العرف البعدية بلا فصل إذ لو قال قائل هذا المال بعدي للفقراء تبادر إلى الأفهام أنه أراد بعد موته بلا فصل والتبادر