لها.
(وحياض موت على الجبارين) الحياض بالحاء المهملة كناية عن المعارك لورود الموت وكثرة أسبابه فيها ومنه سمي الحوض حوضا لأن الماء يسيل إليه ويجتمع فيه وفي نسخة بالخاء المعجمة وهو مصدر يقال: خاض الماء يخوضه خوضا وخياضا دخله وعلى الاستيلاء والاستعلاء والجبار المتكبر العاتي الذي لا يرى لأحد عليه حقا والعظيم القوي والشجاع أي جعلني موتا على الجبارين إلا أنه أدرج لفظ الخياض للدلالة على سهولة ذلك والمراد بالموت إما إزهاق النفس بالقتل أو موتها بالمخالفة له (عليه السلام) والحمل على التقديرين للمبالغة.
(وسيفه على المجرمين) إطلاق السيف عليه على سبيل التشبيه بالقطع والإهلاك والإفناء (وشد بي أزر رسوله) الأزر الضعف والظهر وقد كان (عليه السلام) ظهيرا له (صلى الله عليه وآله) في المعارك كلها على أبطال العرب حين فشل الصحابة وجبنوا حتى قوي به ظهره واشتدت به قوته على الأعداء.
(وأكرمني بنصره) قد كان (عليه السلام) ناصرا له في جميع الأحوال خصوصا في حال هجوم الأعادي عليه والأبطال كما هو المشهور والمذكور في كتب السير والآثار.
(وشرفني بعلمه) المكنون المخزون مثل العلم بأسرار القضاء والقدر والتوحيد وبما كان وما يكون وما هو كاين وبأحوال القيامة والجنة والنار ومن فيها وأمثال ذلك.
(وحباني بأحكامه) أي أعطاني أحكامه الدينية يقال: حباه كذا وبكذا إذا أعطاه وأحباه العطية (وقد حشده المهاجرون والأنصار) أي اجتمعوا إليه يقال: حشده القوم فهو محشود إذا اجتمعوا وخدموه (وانغصت بهم المحافل) المحافل جمع المحفل بكسر الفاء وهو مجتمع الناس والانغصاص والامتلاء يقال: منزل غاص بالقوم إذا امتلأ بهم.
(أيها الناس إن عليا مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.. اه) لا بأس أن نذكر ما نقله العامة في صحاحهم وحكموا بصحته ونذكر أقاويلهم وتأويلاتهم وما سنح لي وما ذكره أصحابنا في جوابهم ليظهر لك أطراف الكلام فنقول: روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي» وفي مسند أحمد بن حنبل من عدة طرق وفي صحيح البخاري وغيره من صحاحهم من عدة طرق أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما خرج إلى تبوك استخلف عليا مدينة وعلى أهله فقال علي: وما كنت أوثر أن تخرج إلا وأنا معك؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. واستدل أصحابنا رضوان الله عليهم بهذا الحديث المتواتر عند العامة والخاصة بالتنصيص على خلافته (عليه السلام) وتوضيحه أن النبي (صلى الله عليه وآله) أثبت لعلي (عليه السلام) جميع منازل هارون من موسى واستثنى