الدينية المخالفة للقوانين الشرعية.
(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.. اه) المحبة ميل القلب إلى ما يوافق والله تعالى منزه عن أن يميل ويمال إليه فمعنى محبة العبد ربه طاعته وهي إنما تحصل باتباعه (صلى الله عليه وآله) كما أشار إليه بقوله:
(فاتباعه (صلى الله عليه وآله) محبة الله) ومعنى محبة الله عبده رضاه عنه وهو سبب لغفران ذنوبه وكمال فوزه بالسعادة العظمى وكمال نور إيمانه ووجوب الجنة له ويمكن أن يقال: معنى محبة العبد ربه هو الميل إليه حقيقة والذي يتنزه الله سبحانه عنه إنما هو الميل إليه في الحس لإشعاره بالجهة والمكان وليست المحبة الميل بالحس بل بالقلب ولا يمتنع ميل القلب إليه وتعلقه به كما يتعلق به المعرفة ولما كانت محبته بهذا المعنى أيضا لا تحصل إلا بمتابعة النبي (صلى الله عليه وآله) لأنه وسيلة إليه ومبين لما يجوز ويمتنع عليه وجب على من أراد أن يشرب من رحيق المحبة أن يتمسك بعروة المتابعة التي لا انفصام لها ولا يخفى ما في جعل المتابعة واسطة بين محبة الطرفين من الإيماء إلى أنه (صلى الله عليه وآله) هو المحبوب على الإطلاق وفي المقام دقايق لا يخفى على العارفين (وفي التولي عنه والإعراض محادة الله) أي في التولي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإنكار رسالته وفي الإعراض عنه بإنكار ما جاء به الذي منه الولاية معاداة الله ومخالفته ومنازعته (وغضبه وسخطه والبعد منه) أي من رحمته وعدم نيلها أبدا والغضب والسخط إذا نسبا إليه تعالى يراد بهما سلب الإكرام والإحسان والعقوبة بالسلاسل والنيران.
(مسكن النار) أي كل واحد من الأمور المذكورة مسكنة في النار ونسبة الإسكان إليه مجاز باعتبار أنه سبب للدخول فيها يعني الجحود به والعصيان له إشارة إلى أن الكفر به شامل لكفر الجحود وكفر المخالفة بانكار ما جاء به، ولما أومأ مرارا إلى أن الخلافة حق له كما أشرنا إليه في بعض الفقرات المذكورة أراد أن يذكر شيئا من صفاته الكريمة ونعوته العظيمة الدالة على ذلك مع التفصيل والتصريح به فقال:
(فإن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده) حيث كلفهم بطاعته والانقياد له والتسليم لحكمه كما كلفهم بطاعة رسوله (وقتل بيدي أضداده وأفنى بسيفي جحاده) أشار (عليه السلام) إلى غاية شجاعته ونصرته للدين وصبره على الجهاد والقتال مع الكافرين وكان في قوة الحرب مشهورا بين العرب والعجم ولم يكن يعادله أو يقاربه أحد من الأمم وكان (عليه السلام) سيفا داميا وشجاعا حاميا قد تولى الحرب بنفسه النفيسة فخاض غمارها واصطلى نارها ورفع أوزارها وأجرى بالدماء أنهارها حتى قام الدين على ساقه غالبا مسرورا بعد ما كان من صدمات المشركين مغلوبا مقهورا (وجعلني زلفة للمؤمنين) لأنه حصل لهم بحبه قرب ومنزلة عند رب العالمين وحمل الزلفة للمبالغة إذ هو سبب