شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١١ - الصفحة ٢٦٨
ريب أنه أشق وأصعب وأما ثالثا فلأن جهاد العدو الظاهر أسهل لأن القوى البدنية كالغضب والشهوة تثوران عند محاربته طلبا لدفعه وتصيران تابعين للمجاهد فيما يراه ويأمر بخلاف جهاد العدو الخفي فإنهما تابعان للعدو ناصران له وأما رابعا فلأن مضرة العدو الظاهر دنياوية فانية ومضرة العدو الباطن أخروية باقية ومن كانت مضرته أشد وأعظم كان جهاده أكبر وأفخم ومن هنا ظهر سر ما روي: «نية المؤمن خير من عمله» لأنها أشق منه، (هيهات) أي بعد ظنكم بي.
(لا التقى لكنت أدهى العرب) الدهاء النكر والمكر والخدعة واستعمال الرأي في تحصيل المطالب الدنيوية وإن كان مخالفا للقوانين الشرعية وكان هذا الكلام صدر منه (عليه السلام) كالجواب لما كان يسمعه من أقوال الجاهلين بحاله ونسبتهم له إلى قلة التدبر وسوء الرأي في أمور الدنيا ونسبة غيره إلى جودة الرأي وحسن التدبر فيها لما بينهم من المشاركة في هذا العمل فمن كان فيه أتقن وأكمل كان عندهم أحسن وأفضل وغفلوا أنه (عليه السلام) كان في جميع حركاته على القوانين الشرعية ورفض ما كان عادتهم من استعمال الدهاء في الأمور الدنيوية فأفاد (عليه السلام) أن تمسكه بزمام الورع والتقوى منعه من الدهاء واستعمال كل فعل وقول وبطش مخالف للكتاب والسنة وإلا فهو أعرف بالدهاء وطرقه وكيفية استعماله من غيره ولم يكن ذلك مختصا به (عليه السلام) بل جاهل كل قوم يظن بعالمهم ذلك لأن العالم ملجم بلجام التقوى فطوره في معاملة الدنيا غير طورهم (أيها الناس إن الله تعالى وعد نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله) الوسيلة) هي في الأصل ما يتوسل به إلى الشيء وجمعه الوسائل يقال: وسل إليه وسيلة وتوسل، وذكرت في الحديث مكررا وفسرت بالقرب من الله تعالى وبالشفاعة يوم القيامة وبالمنزل من منازل الجنة وهو المراد.
هنا كما سيصرح به (ووعده الحق) كل ما وعد به في الدنيا أو في الآخرة فهو حق مطابق للواقع ولن يخلف الله وعده أبدا لأن الخلف في الوعد كذب وهو على الله محال وهو كقوله تعالى: (إن الله لا يخلف الميعاد).
(ألا وإن الوسيلة أعلى درج الجنة) للجنة درجات يستقر فيها أهلها على تفاوت مراتبهم وأعلى درجاتها منازل الأنبياء والأوصياء وأعلى درجاتهم نبينا وأوصياؤه عليهم السلام والظاهر من العلو العلو الحسي ويحتمل العقلي باعتبار الشرف والرتبة. (وذروة ذوائب الزلفة) الزلفة القربة والمنزلة وتشبيهها بالصورة الحسنة في الرغبة وإثبات الذوائب لها وهي الخصلة المجتمعة من الشعر على الرأس مكنية وتخييلية والذروة بالضم والكسر الأعلى من كل شيء وإضافتها إلى الذوائب بيانية وحملها على الوسيلة من باب التشبيه بالسنام للبعير في العلو والارتفاع. والحاصل أن الوسيلة هي أعلى درجات القربة والمنزلة ويحتمل أن يشير بالذوائب إلى تفاوت درجات الزلفة وبذروتها إلى أعلى درجاتها ووجه المشابهة تدلي درجات
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب فضل القرآن 3
2 باب فضل حامل القرآن 22
3 باب من يتعلم القرآن بمشقة 31
4 باب من حفظ القرآن ثم نسيه 32
5 باب في قراءته 35
6 باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن 36
7 باب ثواب قراءة القرآن 38
8 باب قراءة القرآن في المصحف 43
9 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن 44
10 باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن 52
11 باب في كم يقرأ القرآن ويختم 53
12 باب أن القرآن يرفع كما أنزل 56
13 باب فضل القرآن 57
14 باب النوادر 71
15 كتاب العشرة 89
16 باب ما يجب من المعاشرة 89
17 باب حسن المعاشرة 92
18 باب من يحب مصادقته ومصاحبته 94
19 باب من تكره مجالسته ومرافقته 98
20 باب التحبب إلى الناس والتودد إليهم 105
21 باب إخبار الرجل أخاه بحبه 107
22 باب التسليم 108
23 باب ن يجب ان يبدأ بالسلام 114
24 باب 116
25 باب التسليم على النساء 117
26 باب التسليم على أهل الملل 118
27 باب مكاتبة أهل الذمة 123
28 باب الاغضاء 123
29 باب العطاس والتسميت 125
30 باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم 132
31 باب اكرام الكريم 133
32 باب حق الداخل 134
33 باب المجالس بالأمانة 134
34 باب في المناجاة 136
35 باب الجلوس 138
36 باب الاتكاء والاحتباء 142
37 باب الدعابة والضحك 144
38 باب حق الجوار 149
39 باب حد الجوار 156
40 باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر 157
41 باب التكاتب 158
42 باب النوادر 159
43 باب 162
44 باب النهي عن احراق القراطيس المكتوبة 165
45 كتاب الروضة 167
46 صحيفة علي بن الحسين عليهما السلام وكلامه في الزهد 214
47 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 229
48 الخطبة الطالوتية 296
49 حديث أبي عبد الله (عليه السلام) مع المنصور في موكبه 315
50 حديث موسى (عليه السلام) 335
51 رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير 373
52 رسالة منه (عليه السلام) إليه أيضا 386
53 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 393
54 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 403
55 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 414
56 حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) 422
57 حديث النبي (صلى الله عليه وآله) حين عرضت عليه الخيل 426
58 كلام علي بن الحسين (عليه السلام) 433
59 حديث الشيخ مع الباقر (عليه السلام) 444
60 قصة صاحب الزيت 447
61 وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) 449
62 حديث البحر مع الشمس 462
63 حديث الطبيب 470
64 حديث الحوت على أي شيء هو 472
65 حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان 474
66 فهرس الآيات 481