(والتواضع يكسوك المهابة) أي خوفك من الله لعظمته أو خوف الناس منك لشرفك وعظمتك ولأنك بالتواضع لله ولأهله خايف من الله ومن خاف الله خاف منه كل شيء وفيه أيضا مكنية وتخييلية.
(وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق) الظاهرة للبدن والباطنة للنفس كالعلوم والمعارف والمراد بسعة الأخلاق إظهارها لكل أحد وجودها في كل شخص وهي سبب لزيادة الرزق أما بالخاصية أو باعتبار أنها جاذبة للقلوب إلى التعاون والتناصر.
(كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره) المراد بأيام العمر مدته وبآخرها نهايته وكم خبرية دالة على الكثرة وفيه إشعار بفساد أكثر الناس وتحذير لهم عن الذنوب وحيث لا يكون العمر معلوما يجوز أن يكون زمان الذنب آخره.
(ومن كساه الحياء ثوبه خفى على الناس عيبه) خفى كرضى خفاء فهو خاف إذا لم يظهر وذلك لانتفاء العيب لأن الحياء كما مر مرارا مانع من صدور ما يعاب به عقلا ونقلا خوفا من اللوم والظاهر أن المراد بثوب الحياء تغير حالة يعتري الإنسان بسبب الحياء والوجه في تشبيهه بالثوب هو الإحاطة والشمول وإسناد الفعل إلى الحياء مجاز عقلي.
(وانح القصد من القول فإن من تحرى القصد خفت عليه المؤن) أمر بطلب الاقتصاد من القول والتكلم بما فيه خير والتحرز عن غيره معللا بأن فيه النجاة من المشقات والشدايد اللازمة للأقوال الفاسدة في الدنيا والآخرة.
(وفي خلاف النفس رشدك) أي هدايتك واستقامتك على طريق الحق أمر بجهاد النفس الأمارة واللوامة حتى تصير مطمئنة سالكة لطريق الحق ومنهج الشرع حافظة لحدوده ومستمرة على ذلك حتى ترجع إلى المقصد الأولى والمرجع الأصلي ولا يتحقق ذلك إلا بوزن عقائدها وأعمالها وحركاتها وسكونها وميولها بميزان الشرع والعقل ومخالفة مقتضاها وكسر هواها وآلاتها البدنية وسد أبواب الإغواء والوساوس الشيطانية.
(من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد) أي من عرف الأيام وصنعها بأهلها من قلب أحوالهم وخيبة آمالهم ابتلائهم بالموت والآلام وتأديبهم بالأمراض والأسقام وأخذهم بالعقوبة والانتقام مع مشاهدة سرعة فنائها وعدم بقائها يرد قلبه عن حب الدنيا والميل إليها ولم يغفل عن الاستعداد لأمر الآخرة وما يوجب المقام الرفيع فيها.
(ألا وإن مع كل جرعة شرقا وإن في كل أكلة غصصا) الجرعة بالفتح والضم فالضم الاسم من الشرب اليسير والفتح المرة الواحدة، والأكلة بالفتح المرة الواحدة من الأكل وبالضم اللقمة والشرق والغصة الشجي وما اعترض من الماء والطعام في الحلق والمراد بالجرعة والأكلة متاع الدنيا