النفس ومع ذلك يد ينتهض المغضوب عليه للانتقام وهو حزن وعذاب آخر.
(من خاف ربه كف ظلمه - وفي نسخة: - من خاف ربه كفى عذابه) لأن الخوف منه تعالى إنما هو لملاحظة عظمته، أو للتقصير في أداء حقوقه وكلاهما سبب للكف عن الظلم على نفسه وعلى غيره والكفاية من العذاب.
(ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره) لم يزغ مثل لم يقل من زاغ الرجل مال وحاد عن الشيء أولم يرغ من رغا يرغو إذا لم يفصح أو من رغى البعير إذا صوتت عند رفع الأحمال عليها أي من لم يمل في كلامه عما يوجب حسنه وفصاحته أو من أفصح في كلامه أو من لان قوله ولم يرفع صوته شديدا حتى يزجر السامعين أظهر فخره لأن جودة الكلام ولينه دليل على فخر المتكلم هذا من باب الاحتمال والله أعلم.
(من لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة) الخير مفهوم كلي يندرج تحته جميع ما أراد الله تعالى من العباد، والشر ضده: والمعنى من لم يعرفهما ولم يتميز بينهما كالجملة أو من لم يعرف الإحسان من الإساءة وقابله بها فهو والبهيمة سواء في البهيمية وعدم العقل وانقطاع حقيقة الإنسانية فيه وإن كان صورته صورة إنسان.
(إن من الفساد إضاعة الزاد) أي زاد الدنيا أو زاد الآخرة ففيه على الأول ترغيب في حفظ ما يحتاج إليه في البقاء والقيام بوظائف الطاعات وعلى الثاني في تحصيل الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة لما بعد الموت.
(ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا) لعل المراد أن الفاقة الأخروية وهي عدم ما يوجب السعادة الأبدية مصيبة عظيمة بحسب الذات وطول الزمان وكل مصيبة دنيوية صغيرة في جنبها فالفرار من هذه دون الأولى سفه أو الفرار في هذه للفرار من الأولى لازم.
(هيهات هيهات) أي بعد عملكم بالآخرة وعظمة فاقتها وحقارة مصائب الدنيا بالنسبة إليها أو بعد نسبة هذه المصائب إليها إذ لا نسبة بين سريع الانقطاع وأبدي البقاء.
(وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب) أي ما تجاهلتم في أمر الدين وترك قوانينه وطلب ما ينجيكم من فاقة الآخرة إلا للمعاصي والذنوب المسودة لقلوبكم المانعة من طلب الآخرة وترك الدنيا ولو لم يكونا كانت قلوبكم منورة وجوارحكم مطهرة ورأيتم الآخرة بعين اليقين واشتغلتم بأمر الدين والغرض بالذات في أمثال هذه الفقرات هو الرد على من تركه (عليه السلام) وتمسك بالباطل والشبهات.
(فما أقرب الراحة من التعب) أي راحة الآخرة من تعب الدنيا أو بالعكس أو كلاهما في الدنيا كما قال عز وجل: (إن مع العسر يسرا) وفيه ترغيب في الصبر والصبر مفتاح الفرج (والبؤس من