(فقد تعرض لمفضحات النوائب) التي توجب فضيحته وإهانته وصعوبة التخلص منها، وفي بعض النسخ «المقطعات النوائب» والتركيب على الأول من باب جرد قطيفة. وعلى الثاني من باب لجين الماء بتشبيه النوائب بالمقطعات وهي الثياب التي قطعت كالقميص والجبة ونحوهما دون غير المقطوعة كالإزار ونحوه وإنما شبهها بها لكونها أشد اشتمالا وأقوى إحاطة ونقل الشيخ عن بعض أهل اللغة في الأربعين أن المقطعات جمع لا واحد لها من لفظه واحدها ثوب والحاصل أنه لا يقال: للجبة مثلا مقطعة بل يقال: لجملة الثياب مقطعات وللواحد ثوب كما صرح به الشهيد في شرح النفلية ويمكن أن يقرأ المفظعات بالفاء والظاء المعجمة جمع المفظعة بكسر الظاء من فظع الأمر بالضم فظاعة وهو فظيع أي شديد شنيع كما فسر بذلك بعض الأصحاب في دعاء الوضوء.
(وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن) شبه الذنب بالقلادة في لزومهم للمذنب لزوم القلادة للأعناق ووجه الذم العام أن الذنب مع كونه موجبا للعقوبة الأخروية والمذلة الأبدية يوجب نقص الثمرات وحبس البركات وإغلاق خزائن الخيرات في الدنيا والغرض منه هو الحث على رفع حجب النفوس التي هي الذنوب والمعاصي واستعدادها بذلك لقبول الرحمة بالتوبة والإقلاع من المعصية والانزجار عنها والتذكر للمبدء الأول وما أعد لأوليائه الأبرار في دار القرار.
(أيها الناس أنه لا كنز أنفع من العلم) شبه العلم بالكنز في الخفاء والنفع وميل الطبع إليه ورجحه عليه لكونه روح النفس وحياة القلب وكمال الإنسان وسببا لبقائه ونجاته مع زيادته بالإنفاق والغرض منه هو الحث على تحصيل علم الدين وما يتعلق به.
(ولا عز أرفع من الحلم) الحلم هو الأناة والتثبت في الأمور يحصل بالاعتدال في القوة الغضبية ويمنع النفس من الانفعال عن الواردات المكروهة المؤذية والجزع عند الأمور الهائلة والطيش في المؤاخذة وصدور حركات غير منتظمة وإظهار للمزية على الغير والتهاون في حفظ ما يجب حفظه شرعا وعقلا وهو أرفع وأعظم ما يوجب العز في الآخرة برفع الدرجات وفي الدنيا عند الخلائق بوجوه الاعتبارات ولذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الحلم عشيرة» يعني أن كما أن الرجل يتمنع بالعشيرة يتمنع بالحلم ويتوقر لأجله.
(ولا حسب أبلغ من الأدب) قيل: الأدب وضع الأشياء موضعها ولا يتحقق ذلك إلا بالعلم والعمل، والحسب الشرف بالإباء وما يعده الإنسان من مفاخرهم، وقيل: هو الشرف المكتسب في الرجل وإن لم يكن آباؤه أشرافا والغرض منه الترغيب إلى تحصيل الأدب لأنه أشرف الكمالات للإنسان وأكملها والتزهد في التفاخر بشرف الإباء لأنه اعتباري لا نصيب فيه للولد حقيقة، والإيماء إلى أن الآباء ينبغي أن يورثوا الآداب.
(ولا نصب أوضع من الغصب) النصب والتعب والنصب بالضم والضمتين الداء والبلية