أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) قيل: المراد بالتسليم الانقياد له.
وقيل: السلام عليك أيها النبي وهو المنقول من الزمخشري والقاضي في تفسيرهما ومن الشيخ في تبيانه، واستدل بهذه الآية من قال بجواز استعمال المشترك في معنييه فإن الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار وهي مستعملة فيهما وأجاب المانع أولا بأن المراد بالصلاة هنا معنى واحد وهو الاعتناء بإظهار الشرف ولو مجازا وثانيا بتقدير فعل للأول أي: إن الله يصلي، ومثله شايع.
(أيها الناس أنه لا شرف أعلى من الإسلام) يعني متابعة الشريعة والإعراض عن الطبيعة وظاهر أنه لا شرف أعلى من شرف الإسلام إذ هو في الدنيا والعقبى.
(ولا كرم أعز من التقوى) في كنز اللغة: الكرم بزرگوارى والمراد أن التقوى كرم فيها غاية عزة ليست في غيرها والعزة إما العظمة أو القدرة أو الغلبة والتقوى مستلزم لجميع ذلك لأنها تحمى أولياء الله محارمه وألزمت قلوبهم مخافته حتى أسهرت لياليهم وأظمأت هواجرهم وتربط الأبدان بالعبادات من الصيام والصلاة ونحوها فصاروا بذلك من أهل العظمة والقدرة والغلبة لأنهم حزب الله وحزبه هم الغالبون.
(ولا معقل أحرز من الورع) المعقل كمنزل الملجأ والحصن يعني أن الورع عن محارم الله وعن ملاذ الدنيا أحرز حصن وأقوى ملجأ في دفع المخاطرات ومنع أسباب العقوبات ورد سهام الشيطان وكيد أرباب الطغيان لأن تلك المفاسد إنما تنشأ من الميل إلى الدنيا والورع بمعزل عنها.
(ولا شفيع أنجح من التوبة) النجح بالضم والنجاح بالفتح الظفر بالشيء والذب يظفر بالتوبة النصوح بما لا يظفر به أحد من الشفاعة ونحوها لأن التوبة ماحية للذنوب كلها والشفاعة قد لا يتحقق ومع تحققها قد لا تقبل ومع قبولها قد لا تكون إلا بعد عقوبة شديدة في مدة طويلة (ولا لباس أجمل من العافية) أي العافية من الأسقام والبلاء والشدة والضراء والذنوب والكروب أجمل لباس وزينة والوجه في تشبيه العافية باللباس وهو الحسن والزينة في المشبه به حسي وفي الشبه عقلي.
(ولا وقاية أمنع من السلامة) عن إيذاء الناس وبغضهم وغير ذلك مما يوجب التنافر بينهم وهي أمنع وقاية لدفع شرورهم.
(ولا مال أذهب بالفاقة من الرضا بالقناعة) الرضا بالقناعة والاختصار بالواصل وعدم الاعتماد بغير الحاصل أقوى في إذهاب الفاقة من المال لأن القانع لا يفتقر إلى الغير إلى سؤاله بخلاف غير القانع فإنه في فقر وفاقه دائما وإن كان له مال.
(ولا كنز أغنى من القنوع) أغنى من غنى بالكسر إذا ثبت وبقي يعني أن القنوع وهو الرضا