المخاطب وهو أدخل في التحريص على التفكر فيه واللام للابتداء والخبر محذوف وجوبا لقيام جواب القسم مقامه أي لواهب عمري على حذف المضاف أو المراد به صورة القسم تأكيدا لمضمون الكلام وترويجه وليس المراد به القسم حقيقة فلا يرد أنه لا يقسم بغير الله والعمر بالضم والفتح وفي القسم بالفتح فقط البقاء والزمان المقدر له، والركم بالسكون جمع شيء فوق آخر حتى يصير ركاما مركوما كركام الرمل وارتكم الشيء وتراكم اجتمع.
(والانهماك فيما تستدلون به) عطف على الفتن أو على الأمور احتمال بعيد واللام عوض عن الإضافة أي انهماكهم ولجاجهم وتماديهم فيما يستدلون به من غيهم وبدعهم وبغيهم وفسادهم في الأرض وما ورد عليهم بسبب ذلك من الإستيصال والنكال والعقوبات الدنيوية فإنكم إذا تأملتم في قوم نوح وعاد وشداد وثمود وفي قوم لوط وفرعون وقارون وهود إلى غير ذلك مما اشتمل عليه القرآن الكريم والخبر وذكره أرباب الأثر والسير يمكنكم الإستدلال به (على تجنب الغواة وأهل البدع والبغي والفساد في الأرض) بغير الحق فإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار وازدجار لأهل الاعتبار. (فاستعينوا بالله) على التجنب منهم ومن صفاتهم، أو على دفع الشدائد كلها فإن الانقطاع إلى الله وإلى معونته مادة كل مطلوب ووسيلة كل مرغوب والسعيد من استعان به في جلب الفوائد ورفع الشدائد (وارجعوا إلى طاعة الله وطاعة من هو أولى بالطاعة) وهم النبي والأوصياء عليهم السلام.
(ممن اتبع فاطيع) كالخلفاء وأضرابهم في الجور والتفريع يدل على أن الاتباع غير الإطاعة وهو كذلك لأن الأول اعتقاد أنه حق والثاني اقتفاؤه في أقواله وأفعاله وسيرته المبتدعة والمراد بالاتباع اتباع الأولين وبالإطاعة إطاعة الآخرين كالأغنام يعد وبعضهم عقب بعض (فالحذر الحذر) أي ألزمو الحذر والاحتراز من موافقة الغواة وأهل البدع والبغي والفساد أو من مخالفة الله ومخالفة من وجبت طاعته أو من جميع القبايح أو من الجميع والتكرير للتأكيد (من قبل الندامة والحسرة) حيث لا تنفعان وهو وقت الموت وما بعده والفرق بينهما أن الندامة على فعل ما لا ينبغي والحسرة على ترك ما ينبغي.
(والقدوم على الله والوقوف بين يديه) للحساب والجزاء والعطف للتفسير ويمكن أن يكون القدوم في البرزخ الوقوف في الحشر.
(وتالله ما صدر قوم عن معصية الله إلا إلى عذابه) أي ما رجعوا عن معصية لله تعالى وما فرغوا منها إلا إلى عذابه، فيدل مقارنة العذاب للمعصية من غير مفارقة بينهما ولا مهلة فإن جهنم لمحيطة بالكافرين.