والتسليم لهم في الأوامر والنواهي ثم الاستعانة بهم والتوصل إليهم في جميع الأمور.
(لعل نادما قد ندم فيما فرط بالأمس في جنب الله وضيع من حقوق الله) الجنب يطلق على الأمر وعلى معظم الشيء والولاية معظم أمر الله وحقوقه. ولعل كلمة رجاء وطمع وشك وإنما رجا (عليه السلام) وجود نادم من التفريط والتضييع فيما مضى من الحقوق اللازمة لقلة وجوده، وقيل: معناه أنه يمكن أن يندم نادم يوم القيامة على ما فرط وضيع في الدنيا وإمكان ذلك كاف في الحذر فكيف مع تحققه.
(واستغفروا الله وتوبوا إليه) الاستغفار: طلب الغفر وهو الستر من الذنوب خوفا من مخالفة رب العالمين وإكشاف القبايح عند المقربين وهو سبب للعوض في الدنيا بإنزال البركات وفي الآخرة برفع الدرجات كما قال الله تعالى حكاية: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا) والتوبة: الندم على الذنب وتركه لقبحه والعزم على عدم العود إليه مع تدارك ما أمكن تداركه من الأعمال الفائتة ورد المظالم إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه (فإنه يقبل التوبة ويعفوا عن السيئة) كما دلت عليه الآيات والروايات وإجماع أهل الإسلام ولعل المراد بقبولها إسقاط العقاب المرتب على الذنب الذي تاب منه تفضلا ورحمة بعباده كما ذهب إليه الأشاعرة والشيخ الطوسي في الإقتصاد والعلامة في بعض كتبه الكلامية وعلى هذا قوله: (ويعفو عن السيئة) التي تاب منها وقال المعتزلة: إن قبول التوبة واجب على الله تعالى حتى لو عاقب بعدها كان ظلما وتوقف المحقق في التجريد ومال الشيخ في الأربعين إلى الأول حيث قال: ومختار الشيخين هو الظاهر ودليل الوجوب مدخول (ويعلم ما تفعلون) فيه وعد بالثواب بفعل الطاعات ووعيد بالعقاب بفعل المنهيات وترغيب في تركها لأن المرايد لها إذا علم أن عليه رقيبا يتركها حياء.
(وإياكم وصحبة العاصين) إلا مع إرادة نصحهم مع توقع التأثير وذلك للفرار من اللعن والعذاب النازل عليهم ولئلا يميل الطبع إلى طبعهم.
(ومعونة الظالمين) في ظلمهم أو فيما يعود إليه أو يوجبه والأحوط ترك معونتهم مطلقا لعموم الآية والرواية (ومجاورة الفاسقين) بالسكنى في دارهم أو في جوارهم أو في بلادهم كما يظهر من بعض الروايات (احذروا فتنتهم) الفتنة الإضلال والفضيحة والمحنة والعذاب والإثم وهذا ناظر إلى الأولين أو إلى الأخير أيضا.
(وتباعدوا من ساحتهم) أي ناحيتهم وفناء ديارهم وهو ناظر إلى الأخير.
(واعلموا أنه من خالف أولياء الله) برد أقوالهم أو أفعالهم أو عقايدهم أو أوامرهم ونواهيهم وآدابهم أو بالشك فيها والأولياء هم السالكون طريق الحق بالمحبة الصادقة والرغبة التامة وهم